من " تُسوّل" له نفسه الَتَسّول

في الأخبار البارزة يوم أمس قرأنا خبراً يقول أنه تم في عمان ضبط متسولتين تملك كل منهما سيارة فاخرة.
تعالوا نتفحص الأمر ونقارنه بأشكال كسب الرزق الأخرى. فالمتسول يكسب رزقه عن طريق تقديم خدمة للزبون تتمثل في احتمال نيل الثواب في الآخرة الى جانب الشعور بالرضى النفسي والسعادة والثقة, وهو الشعور الذي يلازم مقدم الصدقة, وخاصة إذا كان الأمر يتم أمام "الجهات المعنية" مِن زوجة واولاد او جيران وأصدقاء.
كما هو الحال في سوق الخدمات الأخرى, فإن نجاح المتسول في بيع خدمته يعتمد على مهارة التسويق وعلى اختيار الظرف المناسب والزبون المناسب لعرض الخدمة.
بالطبع, تنطوي عملية التسويق هذه على درجة من التضليل للزبون, لكن لماذا تكون المفاجأة هنا كبيرة بينما تمر عمليات تسويق مماثلة في كثير من القطاعات الأخرى من دون ان يعترض او يحتج احد? بل إننا عادة ما نعتبر ذلك شطارة في السوق.
في كل يوم نتعرض لعشرات العروض لخدمات فيها قدر عال من التضليل, سواء عبر رسائل الخلوي أو من خلال شتى الأوراق والمطبوعات التي يتم توزيعها والاعلانات التي نقرأها أو نشاهدها, وفي أغلب هذه الحالات يتعلق الأمر بالقطاعات الواعدة والحديثة من الاقتصاد مثل السياحة والاتصالات والبنوك والتأمين بل والتعليم أحياناً.
سواء في هذه القطاعات, أو في قطاع التسول, هناك إسهام في الدورة الاقتصادية بكل ما في الكلمة من معنى, وربما يقتصر الفرق الجوهري بينهما على مسألة حجم المال المستثمر وحجم الصفقات, فبينما يبدأ الأمر في حالة التسول من القروش, فإن الأمر في باقي القطاعات يكون بعشرات الألوف ويصل الى الملايين.
(العرب اليوم)