السعيد من اتعظ بغيره!!

تم نشره السبت 21st نيسان / أبريل 2012 03:57 صباحاً
السعيد من اتعظ بغيره!!
صالح القلاب
يحتدم في هذه الأيام تصادم بالمنطق وبالحجج وبالمفاهيم بين الحاضر ،حاضر الألفية الثالثة والقرن الحادي والعشرين وما بعد «تسونامي» ثورات الربيع العربي، وبين الماضي المتمثل في المعطيات النظرية السياسية التي تشكَّل على أساسها الإخوان المسلمون ،الذين لحق بهم لاحقاً هذا المد السلفي الكاسح، وكل الحركات والأحزاب اليسارية والقومية التي كان بروزها في ذلك الحين ضرورياً لترسيخ فكرة أن العرب أمة واحدة وللجم الدعوات الإقليمية التي بدأت تظهر بسرعة لملْء الفراغ الذي أحدثه انهيار الدولة العثمانية التي أنهكت المفهوم القومي العربي خلال حكمها الذي تواصل لنحو أربعة قرون متلاحقة.
كان المفترض حتى قبل «تسونامي» الربيع العربي أن يتم التوقف ملياً عند أسباب تراجع المد القومي ،الذي وصل ذروته في خمسينات وستينات القرن الماضي والذي أقام أنظمة استبدادية في عدد من الدول العربية من خلال الانقلابات العسكرية، وكان المفترض أيضاً أن يراجع الإخوان المسلمون مسيرتهم التي كان بدأها حسن البنا في نهايات عشرينات القرن الماضي لاستعادة الخلافة العثمانية إن ليس بجغرافيتها السابقة فبمفاهيمها المناهضة لكل ما بدأ يهب على مصر وعلى المنطقة من رياح التجديد والتنوير والتغيير الغربية.
لكن هذا لم يحصل إطلاقاً بل أن اليساريين سارعوا إلى التمسك بروسيا على أنها تشكل امتداداً للاتحاد السوفياتي (العظيم)!!وعلى أن فلاديمير بوتن ،هذا الدكتاتور الصغير، هو فلاديمير اليتش لينين في حين أن القوميين رغم تراجعهم التنظيمي حتى حدود التلاشي بقوا يدورون في الحلقة القديمة إياها وبقوا يضربون رؤوسهم بجدران التجربة البائسة لأنظمة الانقلابات العسكرية.. والغريب أن هؤلاء رغم أن بعضهم قد ذاق الأمرّين في زنازين هذا النظام السوري بادروا إلى الاصطفاف إلى جانب بشار الأسد في حربه ضد شعبه بحجة انه نظام تقدميٌّ يواجه «هجمة رجعية»!!
وكل هذا بينما الإخوان المسلمون بقوا يخيطون بمسلتهم القديمة وبقوا يتمسكون ،سياسياً، بأهداب الماضي وفوق هذا فإنهم قد دخلوا في مزايدات أصولية من الحركة السلفية الناشنة وذلك مع أنه كان الأحرى بهم أن يدركوا أن الفراغ الذي ترتب على تراجع الحركة اليسارية والقومية يجب أن يملأ بجديد يستجيب لمعطيات هذه المرحلة التي تختلف كثيراً عن معطيات مرحلة القرن العشرين كله والتي تستدعي بالضرورة بروز أحزاب وتشكيلات وطنية بآفاق قومية وبمحتوى وأبعادٍ إسلامية وبمنطلقات واقعية عنوانها الديموقراطية الصحيحة والتعددية الحقيقية والتآخي بين المكونات الاجتماعية على أساس المواطنة الفعلية وعلى أن الدين لله والوطن للجميع.
لقد تأخر هذا كله ولذلك فإننا نجد أن ثورات الربيع العربي قد ترتب عليها وبصورة حتمية كل هذا الصراع المحتدم بين من يدفعون إلى الأمام ومن يشدون إلى الخلف إن في مصر وإن في تونس وإن في ليبيا كما أننا نجد أن «إخوان» سوريا و»إخوان» المغرب قد سارعوا لالتقاط اللحظة التاريخية وتبنوا نهج حزب العدالة والتنمية (الاردوغاني) وقطعوا صلتهم فكراً وتنظيماً بالحنين إلى الخلافة العثمانية البائدة.
نحن الآن في هذه المنطقة العربية ،المحاذية للغرب والمتأثرة به كما كان يتأثر بها في فترات سابقة يوم كان العرب في مقدمة ركب الحضارة الإنسانية، علينا أن ندرك أن هذا الذي بدأ يجري عندنا جديٌّ ولا يمكن الالتفاف عليه لا من قبل الأنظمة ولا من قبل القوى والتنظيمات القديمة المترهلة ولا الجديدة الغائصة في الماضي البعيد حتى أعناقها.. وأنه إن لم نستطع التلاؤم وبسلاسة مع هذا الجديد الكاسح فإن بلداننا ذاهبة لا محالة إلى هزات وعواصف وبراكين مدمرة.. وها هي التجربة السورية ماثلة أمام عيوننا و»السعيد من اتعظ بغيره والشقي من اتعظ بنفسه». (الراي )


مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات