ابتسامة لتجميد الزمن

تم نشره الأربعاء 25 نيسان / أبريل 2012 05:40 مساءً
ابتسامة لتجميد الزمن
رمزي الغزوي

لماذا يعجبنا أن نحتال على أنفسنا، وأن نضحك على ذقوننا، ونداهن مشاعرنا ونجاملها، عندما نشخص أمام حدقات الكاميرات، لأخذ صورة تذكارية. فترانا نتأكد من هندامنا ونمط أفواهنا بابتسامة طويلة يانعة. وبعد أن تبرق الكاميرا، نعود إلى عبوسنا، وتعود إلى صفحة وجوهنا كشرتها.

أعتقد اننا نؤمن، بأن الماضي هو الأجمل؛ بحلوه ومره، الأجمل بعثراته وسقطاته وهفواته، ولهذا ترانا، لا نأخذ صورةً إلا موشحةً بالابتسامة المعلبة المغتصبة التي تجتاح الوجوه، وتبدد الوجوم. فلماذا؟!!.

وعندما ينقشع حاضرنا، ويغدو خبراً لِكانَ، سيعجبنا أن نطالع بعض صورنا، وسنتحسر على الأيام الخوالي، فنقول لأولادنا: إننا كنا سعداء، بدليل هذه البسمة الشاسعة، التي تطرز الوجه. أي، كأننا لا نحب أيامنا إلا إذا ماتت وانقشعت وشيعناها، لنتحسر عليها، ونرثيها. دون أن نكون عشناها بحقٍ وحقيق.

يتحدثون عن مصور خفيف الظل، ما فتئ يزجي نصيحة ذهبية لزبائنه من أصحاب الأفواه الواسعة، ويطلب أن ينطقوا بكلمة (معقوووود)، بمطِّ الواو ما استطاعوا إلى ذلك (تمطيطا)!؛ فتنزم الشفتان، وتنضمان؛ فيصغر الفم، ويبدو مقبولاً؛ ليتناغم مع بهاء الصورة، وجمالية اللقطة الخاطفة!.

في المقابل تشاجر مصور مع رجل مسنٍّ، أشعث، أكله الدهر ولفظه، لأنه طلب منه أن (يكوِّس) الصورة، أي يجعلها جميلة. فما كان من المصور النزق، إلا أن قال: كيف أكوِّسُ من لم يكوِّسه الزمان؟!، عندها قال المسن بنبرة لا تخلو من مرارة: اطلب مني أن أبتسم يا جدوه!.

قد يكون أننا نعتقد أن الصورة ما هي إلا زمن مجمد، محفوظ في ثلاجة الذاكرة!، وسنعود ونستدعيه متى أردنا، ومتى هزنا جناح الحنين إلى ماضينا، نستدعيه مبتسماً، لينساب فينا نهر الذكريات الدفاقة، والتي دائماً في عرفنا أنها الأجمل والأبهى!.

علمونا أن نضحك على حالنا، وعلى لحظاتنا، فنزوّر الوقت بابتسامة كاذبة، تكون مقدمة لكذبة أكبر في مستقبلنا، فهم كانوا وما زالوا، يطلبون منا أن نقول: (cheeeeeese)، عند التقاط الصورة كي نظهر مبتسمين، وكي نحظى بصورة بهيجة، فهذه الكلمة توسع زوايا الفم، لتولد الابتسامة المعلبة، وكأنها عملية قيصرية، ابتسامة سرعان ما تزول بعد وميض الكاميرا!.

دعونا نضحك على أنفسنا بطريقة أقوى وأعمق واثبت؟!، فنوهمها بأننا في حالة تصوير دائمة، وأن الكاميرا تصوّب (زومها) نحونا!، فنبتسم بطريقة الجبنة، أو بغيرها، فربما تظل الابتسامة عالقة بوجوهنا، فقد نعتاد عليها، وتصبح هندامنا الأجمل!. (الدستور)
 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات