"الربيع العربي" وبعده عن الواقع!

تم نشره الخميس 03rd أيّار / مايو 2012 04:11 صباحاً
"الربيع العربي" وبعده عن الواقع!
صلاح عودة الله

كلما مضى الوقت وسارت عقارب الساعة الى الأمام ازدادت قناعتنا بأن ما يسمى بالربيع العربي أصبح خريفا باهتا أصفرا..فالمعروف بأن الربيع يتصف بالخضار وفيه تظهر الأزهار والورود, وأما الخريف ففيه تهب الرياح وتتساقط أوراق الأشجار بعد أن تصبح صفراء اللون, وكما قال جبران:"ان الشجرة التي لا تقاوم رياح الخريف وعواصفه, لا ولن تفرح بجمال نيسان".وهذا هو حال الربيع العربي الذي تم طبخه في مطابخ أمريكا والكيان الصهيوني ومنتجات سويسرا والريفييرا الفرنسية.                                                                                                                نعم, ان ما نشاهده هو الدماء التي تسفك يوما بعد يوم والقادم أعظم وأخطر, وهذا ما أراده طباخو وصانعو هذا الربيع, اختلافات حزبية ومصالح فئوية ضيقة وفتن داخلية عقائدية وطائفية قد تؤدي الى حروب أهلية لا يحمد عقباها.                                                                               وبإمكاننا القول ان مخلفات الربيع العربي وما يحصل الان في الدول التي أطاحت بقادتها, كان موجودا قبل عام أو عامين وأكثر, والمحصلة هي انه لم ولن يتغير أي شيء على الأقل في المستقبل القريب.                                                                                                                الشعوب العربية التي عانت من دكتاتورية حكامها لفترة طويلة, أصبحت مدمنة على هذا الوضع, ولن تقبل بروح ألديمقراطية ومن هنا نقول بأنه يتوجب على هذه الشعوب أن تغير أنفسها أولا وهذا ما كان يجب عليها فعله قبل سنين وعقود لكي تمارس الديمقراطية بعد الاطاحة بمن كانوا ينهبون خيراتهم وجعلوهم شعوبا وقبائل يعصف بهم الفقر والمرض والجوع والتخلف, وكما قال شاعرنا الرائع مظفر النواب:

 

 

 

 

 

 

 

"سيدتي.. نحن بغايا مثلك..يزني القهر بنا.. والدين الكاذب..والفكر الكاذب والخبز الكاذب والأشعار..ولون الدم يزور حتى في التأبين رماديا..ويوافق كل الشعب..أو ألشعب وليس الحاكم أعور..سيدتي..كيف يكون الإنسان شريفا, وجهاز الأمن يمد يديه بكل مكان..والقادم أخطر". ما حصل لنا وما يحصل من الان من خلافات وانقسامات لم يتم صنعه وطبخه في مصانع الغرب فقط, فنحن نملك مثل هذه المصانع والمطابخ, بل انها أكثر تطورا وانتاجا للخلافات التي تعصف بنا من المحيط الى الخليج..خلافات متشعبة ومتنوعة لا حصر لها.                                                   طالبنا منذ عقود بوحدة عربية حقيقية ومكوناتها موجودة, ولكن الزعامات الظلامية رفضت تحقيقها, فالوحدة العربية تدمرهم وتنحيهم عن كراسيهم التي يجلسون عليها من المهد الى اللحد وربما بعد الممات, فالزعماء العرب لا يمرضون وهم "أمر من الله", لا تجوز مناقشته.                            يعتقد "ثوار الربيع العربي" بأنهم حققوا الوحدة العربية, انا وحدة زائفة لا لون ولا طعم لها, وهي نفس"الوحدة" التي كانت سائدة قبل هبوب رياح الربيع العربي المصطنع, وهما وجهان لعملة واحدة. دبي تريد أن تبني أعلى برج في العالم كله, وقطر التي تدعي بأنها ديمقراطية وهي التي كان لها الدور الأكبر في صنع رياح الربيع العربي, وترقص على الماء العربية التي تسفك, تريد استضافة مباريات كأس العالم والتي ستكلفها المئات من المليارات التي تطبعها بلاد"العم سام, والسعودية تعتبر أكبر دولة منتجة للنفط..ولكن وما يجعل الانسان فاقدا لوعيه هو التخلف الذي يعصف بشعوب هذه الدول..شعوب أدمنت على التخلف والتآمر والتعري..هذا التعري الذي كان سرا في منتجعات وفنادق وكازينوهات أوروبا فأصبح الان جهرا وعلانية في مضاجع ومهاجع النساء في كافة الأقطار العربية ولن أستثني أحدا.
وأنهي بما بدأت, كان من الواجب على هذه الشعوب التي تدعي أنها تحررت من الدكتاتوريين الذي سجنوهم في سجون كبيرة, أن يثوروا عليهم قبل عقود من الزمن, وكما قال أيضا مظفر النواب:"عفواً يا مولاي فما أخرج من حانتك الكبرى..إلا منطفأً سكران..أصغر شيء يسكرني في الخلق فكيف الإنسان..سبحانك كل الأشياء رضيت سوى الذل, وأن يوضع قلبي في قفص في بيت السلطان..وقنعت يكون نصيبي في الدنيا.. كنصيب الطير, ولكن سبحانك حتى الطير لها أوطان.. وتعود إليها..وأنا ما زلت أطير..فهذا الوطن الممتد من البحر الى البحر..سجون متلاصقة..سجان يمسك سجان".                                                                                                    ستيقظي يا أمة المليار ونصف المليار..يا أمة ضحكت من جهلها الأمم!.                                 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات