عون – فايز أزمة عميقة في النظام السياسي

عون الخصاونة "كتّ بنطلونه" راحلا في تركيا، وقدّم استقالته بطريقة عدّها البعض مخالِفة لكل التقاليد الأردنية المتعارف عليها في رحيل الحكومات.
ولعلّي أستغرب هنا وأطرح تساؤلا عن التقاليد الباقية من حياتنا السياسية، ألَم تُنتَهك كلها وفي كل المجالات والمستويات؟! دعونا لا نتوقّف هنا كثيرا، فأعرافنا السياسية ماتت منذ حين متوسط الزمان.
الملك وافق على الاستقالة، ووجّه للرئيس "الملهم سابقا" رسالة غير مسبوقة في القسوة والنقد السياسي، فقد حمّله مسؤولية تعثُّر إقرار صيغة النظام الإصلاحية وتباطئها المقصود.
أشهُر الخصاونة الستة لم تكن جيدة، فقد تمّ اعتقال الأحرار في عهده وضُرِبوا على مرأى من عينه، وأسوء ما كان في فترته تقديمه لقانون انتخاب عار عن الوطنية وخارج حتى عن الحد الأدنى من الإجماع التقليدي.
لكنه في المقابل خاض صراعا على الولاية العامة مع الأجهزة الأمنية ومع الديوان حتى، ربما لم ينتصر في هذا ما عدا بعض الهوامش، إلاّ أنّه استقال في نهاية المطاف لشعوره المرير بأنّه مجرد "شراب خرج"، وأنّ مسلسل انتهاك الولاية العامة لا زال متواصلا.
أزمة النظام التي هي "أزمة حكم وليست أزمة حكومة" تظهر هنا بوضوح، فرؤساء الوزراء يعيَّنون بجرة قلم ويذهبون بجرة قلم أرخص منه.
من هنا يجب أن يُعاد النظر في فلسفة تشكيل الحكومات برمّتها، ونعود لنذكر بحكومة الأغلبية البرلمانية التي هي الحل وهي الولاية العامة، وعندها ستتوقف كل الترهات والنزعات الشخصية التي أوصلتنا لحافة السقوط.
تكليف فايز الطراونة أشعرنا بالإحباط، فهو ليس مجرد تقليدي محافظ أو أحد أعضاء فريق التفاوض في وادي عربة.
الرجل كان في هبة "نيسان" وزيرا للتموين، وقد انتفض الأردنيون على ملهمه زيد الرفاعي في حينها، وهو يوم تولّى رئاسة الحكومة ترك الحبل على الغارب للبطيخي والكعابنة.
إذاً الولاية العامة وهوامشها لن نراها في زمن هذه الحكومة والبديل ستكون حكومات الظل، أمّا قانون الانتخاب المطالب هو بإنجازه فالرسالة تقول أن لا رجعة عن صيغته، فالرموت كنترول قادم لا محالة.
الملك أثبت أنّه قادر على الإتيان بالحركات الكبرى، وقد قال أمام برلمان الأوروبيين كلاما إصلاحيا راقيا، يحتاج منه لحركات قوية أخرى، "صيغة المغرب" مثالا عليها، ولا أظنّ أنّ الطراونة يملك حدا أدنى من إمكاناتها.
(السبيل)