إنجاح ولادة نقابة المحاسبين الأردنيين مطلب وطني وضرورة ملحة
لاشك أن النقابات والجمعيات والمنظمات الشعبية تحتل أهمية كبيرة في منظومة المجتمع المدني في جميع الدول المتحضرة أو تلك التي تسعى إلى التحضر ، كونها تشغل فراغاً مهماً في العملية السياسية من خلال تسليط الضوء على مشكلات خاصة أو المطالبة بحقوق بعض الفئات أو الدفاع عنها، كما أنها تمثل ما اصطلح على تسميته بالقوى الضاغطة التي تضغط باتجاه تحقيق مطالب فئة معينة يتم إهمالها من السياسيين أو المجتمع بشكل عام.
إن أهمية النقابات لا تتعلق فقط بتعزيز الدور الشعبي والديمقراطية والعمل النقابي، بل هي أيضاً وسيلة حضارية من وسائل المجتمع المدني للمطالبة بالحقوق والدفاع عن المكتسبات, فأهمية هذه النقابة تأتي من كونها الوسيلة التي يقوم من خلالها أصحاب القضايا أو المطالبات بتنظيم أنفسهم في عمل علني ممنهج لتحقيق مطالبهم وحقوقهم المشروعة أو الدفاع عنها ضمن إطار القانون وأعراف المجتمع المدني.
.
في ظل الأزمات الاقتصادية الخانقة التي تمر بها المملكة تبرز الحاجة الملحة إلى خلق نقابة المحاسبين الأردنيين ضمن المقتضيات الأساسية بمشاركة تلك النقابة بوصفها إحدى مؤسسات المجتمع المدني الفاعلة للنهوض بالوطن والحفاظ على مقدراته ومكتسباته ,هذا وتعتبر فئة المحاسبين في الأردن ثالث اكبر فئة بعد المعلمين والمهندسين, إذ تتراوح أعداد المحاسبين في المملكة حسب آخر تقديرات بحدود 50 إلى 60 ألف شخص بما فيهم الطلاب في السنة الأخيرة على مقاعد الجامعات , وتلك الفئة من المهن بأمس الحاجة إلى تنظيمها لما فيه مصلحة للوطن, خاصة وانه لا يستهان بعددها , علما بان الدستور الأردني قد سمح بذلك في تعديلاته الأخيرة.
أما المزايا التي يمكن تحقيقها من خلال وجود نقابة للمحاسبين على سبيل المثال لا الحصر: العمل على رفع المستوي العلمي للأعضاء,وتشجيع البحث العلمي وتطويره لخدمة المجتمع وتنظيم جهود الأعضاء وتوجيهها نحو تطوير المهنة مما يساهم في رفع وتحسين مستوى الأداء فيها, وكذلك العمل علي تسوية المنازعات ذات الصلة بالمهنة التي تنشأ بين أعضاء النقابة أو التي تنشا بينهم وبين الجهات التي يعملون بها , ناهيك عن العمل علي توثيق العلاقات بين النقابة وبين المنظمات المماثلة في الدول العربية والأجنبية, وإمكانية السعي إلى توفير فرص عمل لأعضاء النقابة, وأخيرا الدفاع عن مصالح أعضائها وتزكية روح التعاون بينهم وتقديم الخدمات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والترفيهية للأعضاء وتنظيم معاش الشيخوخة والعجز والوفاة المستحق للعضو من النقابة وتقديم المساعدات عند الحاجة وتوفير الرعاية الصحية للأعضاء وأسرهم , وإصدار مجلات ومنشورات تهتم بنشر نشاط النقابة وبنشر الأبحاث العلمية المختصة أسوة بباقي النقابات المهنية المماثلة.
وعلى صعيد آخر نجد أن النقابات وخاصة نقابة المحاسبين في حال تأسيسها سوف تلعب دورا مهما في مكافحة الفساد والوقاية منه, بتفاعلها مع أجهزة الدولة المعنية , بالتركيز على الجانب الوقائي الذي يتضمن التوعية والتثقيف بمخاطر الفساد على التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية. لا بل تعتبر النقابة في حال ولادتها شريكا رئيسا في مكافحة الفساد والوقاية منه من خلال خلق ثقافة من شأنها توعية منتسبيها الذين يشكلون جزءا كبيرا من القطاع التنموي والاقتصادي بمخاطر الفساد بما يساهم في إيجاد بيئة مجتمعية ترفض الفساد وتعزز قيم النزاهة والعدالة وتعزز الحس الوطني للمحافظة على مقدرات ومكتسبات الوطن وحماية المال العام وضمان أعلى درجات النزاهة والشفافية في الأداء الحكومي.
وختاما أؤكد على ضرورة تكاثف الجهود وعلى كافة الصعد من مؤسسات مجتمع مدني وجهات تشريعية وتنفيذية للوقوف يدا بيد لإنجاح تلك النقابة وتسهيل ولادتها وخروجها إلى الحياة العملية كضرورة ملحة من منطلق توحيد الصفوف وتنظيمها بغية الرقي بالوطن ورفعته وتفعيلا لفكرة التغيير الايجابي الخلاق التي نادى بها سيد البلاد المفدى حفظه الله ورعاه