وقفة مراجعة لمعرفة الاتجاه

أكبر عوامل النجاح في القيادة, أياً كانت: سياسية , عسكرية , اجتماعية, هو معرفة الاتجاه الصحيح , الذي يوصل إلى الهدف, فإن كانت غايتك مكة فاتجه لها, ولا تدر ظهرك معاكساً وفكر بكيفية أداء الحج و العمرة .
و كذلك الرياح المتقلبة, متغيرة الاتجاهات, لن تأتي بالمطر و إن تكاثرت الغيوم, فغيوم الصيف لا تمطر, و رعودها فقاعات لا أكثر و لا أقل.
ثورات الربيع العربي هي كذلك, و هذا حالها, لا تعرف الاتجاه الصحيح ولا أين تسير, ومتى و أين ستقف, لأنه لا يوجد لها ايديولوجيات تسير وفق نهجها و هداها, و لو كانت غير ذلك لرأينا أو سمعنا خططا و اضحة بعيدة و قصيرة المدى , تحتوي على فضائل العمل وانجازه وشر رذائل العمل لاجتنابه , أو هي على أقل القليل تظهر الحسنات و السيئات , ولكنها حياة العجزة الذين لا يجيدون إلا لوك الكلام و التذمر به .
أين النور الذي أتت به تلك الثورات ؟! أم هو ظلام يتلوه ظلام , كما قال احد ابرز
قادة العالم (.....) منتقداً الأمة العربية قائلاً: حتى تعودوا إلى الحالة الاقتصادية التي كنتم عليها قبل ربيعكم المزعوم, تحتاجون لمئات السنين, و يعني الاقتصاد فقط , و لو أضيفت لذلك الدماء و الأرواح و الجراح و الأحزان و الآلام و الحسرات و الندم و الندب و النواح , فماذا عسانا نقول ؟!
هل نقول للعالم و نسمعه, و نحن نلوح بالعلم الورقي , تعودنا البكاء واللطم على الوجوه , نتقنه بحرفة و امتياز, نحن الذين نزغرد لصوت البارود , ذكوراً قبل الإناث , ليس لنا عيون تدمع و لا قلوب تحزن , نفاخر حين ندس أبناءنا بالتراب, و نعتبرها علامات النصر, لا علامات الهزيمة و سوء التخطيط, وقلة الحيلة و التدبير.
نحن الآن بحاجة لوقفة مراجعة لمعرفة الاتجاه , أكثر من أي وقت مضى , من عمر هذا الكون , لمعرفة الداء, و أماكن الاختباء , و طرق العلاج.
إننا بحاجة ماسة لآراء الشرفاء وأهل العلم , و أقلام الأحرار و مداد الحبر , وخطة حكيمة و قرار صائب جريء , ولأهل الخبرة و الرؤية و الحلم خلال الأزمات, .
الوطن ينادي صاحب القرار الوطني العنيد الذي لا ينثني عزمه مهما أشبع تهديدا و وعيدا , بعيد الرؤيا , لا ينظر أخمص قدميه .
الموضوع أبعد من الفساد حتى لو نخر العظم , فالوطن كله مستهدف, بتغيير مكوناته , بما في ذلك تضاريس الجبال و الأنهار , يجب أن لا نضيع الوقت هدراً بين قيل و قال , و في مناظرات عبر الأثير لا تقود إلا للهلاك و الدمار و التخريب , وتفتت المجتمع و تمزق خيطان نسيجه , و نحن نساق الى الموت بمجرد نزوة عابث , أو حمق من قبل مندس آثم.
ماء الحياة بين أيدينا لذا يجب ألا نسكبه على الرمال , و قوارب النجاة نصنعها بأيدينا فلنستخدمها نحن أولاً, ثم نعطيها إلى غيرنا , فجراحنا أولى أن نداويها كي تشفى , قبل أن نداوي جراح الآخرين أو ندعي ذلك .
كل الأمل و التفاؤل بهذا الوطن و أهله , و بكل ذرة تراب طاهرة منه , و بكل صخرة صلدة، وسطه و جنوبه و شماله , بغوره و صحرائه , وقصوره و آثاره , وعلمه و تعليمه , ونظامه الهاشمي الإنساني, حيث سيبقى خالداً و سيجتاز المحن .
حمى الله الأردن و شعبه و مليكه ( الدستور )