حالة عدم الاستقرار الجوي!

لطقس في الأردن: حالة من عدم الاستقرار الجوي تؤثر على المملكة ابتداءً من الأحد وحتى الثلاثاء.. وأجواء مُغبرة ودافئة الى حارة نسبياً وأمطار رعدية مُحتَملة في العديد من المناطق!.
الشبه واضح جدا بين حالة الطقس، والحالة السياسية، فثمة حالة من عدم الاستقرار الأرضي، كما هو حال الجوي، بعد استقالة عون الخصاونة، وتكليف فايز الطراونة، وما يلفت النظر بين الاستقالة والتكليف: هجوم قاس على الحكومة الراحلة، وترحيب حذر بالحكومة التي هي قيد التشكيل، وبين هذا وذاك، ثمة من لا يأسف على راحل ولا يرحب بقادم، اعتقادا منه أن تغيير السياسات لا الوجوه هو الأهم.
ليس بعيدا عن «أجواء عدم الاستقرار» التي نعيشها، نلحظ تيها غير مسبوق في أوساط النخب، ورواد الصالونات، فجرها ربيع ملتبس، أخرج مكنونات الصدور، وترك لها العنان كي تقول ما لا يقال، ولم يقل من قبل، والمحزن هنا، أن بعض المكنونات توجهت كالسكاكين في لحم بعضنا البعض، اعتقادا منها أن الوقت حان لتصفية حسابات قديمة، وهؤلاء تحديدا لا يدركون أن أي نَفَسٍ خبيث سيلوث الجو الوطني ويزرع بذور الفتنة، ويحرف قطار الإصلاح إلى حافة الهاوية، وهم لا يدركون ايضا أن القطة تذود عن أبنائها، كما القبرة التي يسرق طفل أرعن صغارها، فكيف بكتلة بشرية ضخمة يمكن ان تشعر بأن حياتها باتت مهددة؟ هؤلاء الذين سكروا بخمر التغيير، فهموا الربيع -خطأ- بأنه عودة إلى حالة الشرذمة والجاهلية الأولى، واقتسام الكعكة أو الاستئثار بها كلها، هؤلاء لا يعرفون أن حركة التاريخ تحمل ذكاء فطريا، ولا يمكن لها أن تعيد العجلة إلى الوراء!.
يلفت النظر -وسط حالة عدم الاستقرار تلك- مستوى الوضوح في كتاب التكليف الذي بعث به الملك لرئيس حكومته، خاصة فيما يتعلق بالانتخابات: برلمانية كانت أم بلدية، لعله يزيل بعض ما شاب المرحلة الماضية من لبس، وفي هذا الصدد نقرأ ما ورد في البند الثاني في كتاب التكليف، بعد التأكيد على الفصل بين السلطات: الإسراع في تشكيل الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات وإدارتها. وتقديم الدعم اللازم لبناء قدراتها وفق أفضل الممارسات الدولية، ليتسنى لها اتخاذ الإجراءات والترتيبات التي تحدد آلية عملها، لتمكينها من إجراء الانتخابات النيابية والإشراف عليها، بحيث تكون ضامنا لنزاهة وحيادية وشفافية العملية الانتخابية. وهنا -يوضح كتاب التكليف ما لم يسبق توضيحه- تبرز ضرورة أن يضمن قانون الانتخـاب لمجلس النواب تمثيلاً حقيقياً لجميع الأردنيين في أرجاء الوطن العزيز على إختلاف توجهاتهم الفكرية والسياسية، مع مراعاة تحقيق أكبر قدر من العدالة في التمثيل، على أن يتم كل ذلك في أسرع وقت ممكن، تمهيدا لإجراء الإنتخابات فور الإنتهاء من اتخاذ الإجراءات والترتيبات اللازمة لذلك قبل نهاية هذا العام. أما الانتخابات البلدية، فلا بد من تحديد موعد قريب لإجرائها لتفعيل مبدأ الحكم المحلي، وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في صنع القرار وتمكين المواطنين من ترتيب أولوياتهم، والنهوض بمجتمعاتهم المحلية.
إذن، نحن أمام حالة وضوح بعبارات مفتوحة لا تقبل التأويل، في مواجهة حالة «عدم الاستقرار» وهنا تحديدا، يحكم المواطنون على مدى التزام الحكومة المنتظرة برؤية أردن الغد!.