لا مجال للفشل
تم نشره الثلاثاء 01st أيّار / مايو 2012 05:19 مساءً

جمانة غنيمات
حكومة فايز الطراونة هي الرابعة خلال عامين، تعرض خلالهما المجتمع لكثير من الانتكاسات بعد أن رحلت حكومة تلو الأخرى بفشل ذريع، دون أن تحدث تغييرا ملموسا في المشهد الإصلاحي، أو تترك أملا في نفوس الأردنيين بإمكانية الإصلاح.
حكومة عون الخصاونة كانت الأخيرة، ورحلت على وقع اتهامات بإعاقة الإصلاح والمماطلة، وتأخير حسم الشوط الأخير من مسيرة الإصلاح المتمثل في وضع قانون انتخاب يرضي القوى السياسية، ويرغّب المجتمع بكل أطيافه وخلفياته في المشاركة.ومن المجدي للرئيس الجديد محاولة تذكر الأسباب التي لأجلها غادرت حكومة الخصاونة، مع كل قرار يتخذه وكل تصريح يطلقه، خصوصا وأن تبعات فشل تجربته لن تكون كسابقيه، ولن تنعكس عليه فحسب، بل على البلد كاملا.
خلال الأيام الماضية، يلحظ المتابع لتصريحات الطراونة أنه ما يزال يتحدث بقناعاته الشخصية وليس ما يمليه أو يتطلبه المشهد. وهذا بحد ذاته يحمل معنيين؛ فإما أن الرئيس يُسقط من حساباته المطالب الملحة التي يدركها تماما، أو أنه لم يدرك بعد أن إخفاقه في حمل البلد إلى الضفة الآمنة لن يحسب عليه، بل ستذهب الإشارات في تحميل المسؤولية في اتجاهات أخرى، خصوصا إذا ما اقتنع الناس أن المشكلة ليست في الحكومات ورؤسائها.رؤساء الحكومات السابقون هم من حصدوا نتاج تجربتهم، والفرق كبير بين تجربتهم وبين تجربة الطراونة، والإخفاق الأخير كارثي في ظل تنامي فجوة الثقة بين الدولة والمجتمع، والتي يحتاج ردمها إلى إحراز التقدم المنشود في الإصلاح السياسي، إلى مستويات مقبولة من القوى السياسية التقليدية والناشئة.
فمن وجهة نظر رسمية، يُعتقد أن ما تحقق كثير، ولم يبق إلا القليل لإتمام المهمة. ويدعم هذا الرأي غزل أميركي وأوروبي يقدر بشدة ما تم إنجازه، بعكس قناعات كثير من الأردنيين، ما يزالون يؤمنون أن ما أنجز محدود، والمطلب الحقيقي لم يأت بعد. وشروط النجاح الواجب توافرها للطراونة متعددة، وإنجاز القليل منها كحد أدنى يساعد على إقناع المجتمع بجدية الإصلاح هذه المرة، والتي تبدو كأنها الفرصة الأخيرة، إذ لا أحد يدري إلى ماذا سيؤول المزاج العام بعد ذلك! مهمة الطراونة ليست سهلة، خصوصا وأن ما يتطلع إليه الحراك الإصلاحي لم يتقاطع يوما مع رؤية وقناعات الرجل السياسية المحافظة، والذي ما فتئ يقول إنه مع الصوت الواحد. أقوى مؤشرات النجاح إقرار قانون انتخاب يغري القوى السياسية بالمشاركة في الانتخابات، فالمشاركة لا تقل أهمية عن النزاهة، التي تحتاج إلى ضمانات وكفالة بعدم التدخل في العملية الانتخابية ونتائجها، بما يمهد للانتقال إلى مرحلة جديدة من مسيرة بناء الدولة الديمقراطية المؤمنة بالحرية، والتي تحترم حقوق الإنسان وكرامته.الملف الثاني الذي سيبدو مصيريا في الحكم على حكومة الطراونة يتمثل في الكيفية التي سيطوى بها ما تبقى من ملفات فساد، وتحديدا تلك التي ترتبط بمجلس النواب، خصوصا أن الطريقة التي طوي بها العديد من الملفات أثارت حفيظة الرأي العام، وللأسف فشلت في إقناعه بجدية الدولة في محاربة الفساد والمفسدين.<br />التعامل مع ما تبقى من ملفات فساد يجب أن يكون بمنظور جديد، ليخفف من مخاوف الناس وشكوكهم بسياسات محاربة الفساد، وأخطر منه الإفساد الذي بات مدرسة، تخرّج منها كثير من المسؤولين.<br />ولو سلمنا بالرؤية الرسمية (ليس هذا الواقع) بأن الأردنيين من أصل فلسطيني يريدون الإصلاح السياسي، والشرق أردنيون يتطلعون إلى محاسبة الفاسدين والمفسدين، وتحسن مستواهم المعيشي، فسنخرج بنتيجة تؤكد أن أكبر مكونين في المجتمع غير راضيين عن النتائج؛ فلا الإصلاح السياسي نجح، ولا محاربة الفساد حققت نتائج ملموسة، والدولة عاجزة عن تحسين مداخيل الناس وخلق فرص العمل، ولنا أن نرى حجم الفشل الذي نسبح فيه. ( الغد )
حكومة عون الخصاونة كانت الأخيرة، ورحلت على وقع اتهامات بإعاقة الإصلاح والمماطلة، وتأخير حسم الشوط الأخير من مسيرة الإصلاح المتمثل في وضع قانون انتخاب يرضي القوى السياسية، ويرغّب المجتمع بكل أطيافه وخلفياته في المشاركة.ومن المجدي للرئيس الجديد محاولة تذكر الأسباب التي لأجلها غادرت حكومة الخصاونة، مع كل قرار يتخذه وكل تصريح يطلقه، خصوصا وأن تبعات فشل تجربته لن تكون كسابقيه، ولن تنعكس عليه فحسب، بل على البلد كاملا.
خلال الأيام الماضية، يلحظ المتابع لتصريحات الطراونة أنه ما يزال يتحدث بقناعاته الشخصية وليس ما يمليه أو يتطلبه المشهد. وهذا بحد ذاته يحمل معنيين؛ فإما أن الرئيس يُسقط من حساباته المطالب الملحة التي يدركها تماما، أو أنه لم يدرك بعد أن إخفاقه في حمل البلد إلى الضفة الآمنة لن يحسب عليه، بل ستذهب الإشارات في تحميل المسؤولية في اتجاهات أخرى، خصوصا إذا ما اقتنع الناس أن المشكلة ليست في الحكومات ورؤسائها.رؤساء الحكومات السابقون هم من حصدوا نتاج تجربتهم، والفرق كبير بين تجربتهم وبين تجربة الطراونة، والإخفاق الأخير كارثي في ظل تنامي فجوة الثقة بين الدولة والمجتمع، والتي يحتاج ردمها إلى إحراز التقدم المنشود في الإصلاح السياسي، إلى مستويات مقبولة من القوى السياسية التقليدية والناشئة.
فمن وجهة نظر رسمية، يُعتقد أن ما تحقق كثير، ولم يبق إلا القليل لإتمام المهمة. ويدعم هذا الرأي غزل أميركي وأوروبي يقدر بشدة ما تم إنجازه، بعكس قناعات كثير من الأردنيين، ما يزالون يؤمنون أن ما أنجز محدود، والمطلب الحقيقي لم يأت بعد. وشروط النجاح الواجب توافرها للطراونة متعددة، وإنجاز القليل منها كحد أدنى يساعد على إقناع المجتمع بجدية الإصلاح هذه المرة، والتي تبدو كأنها الفرصة الأخيرة، إذ لا أحد يدري إلى ماذا سيؤول المزاج العام بعد ذلك! مهمة الطراونة ليست سهلة، خصوصا وأن ما يتطلع إليه الحراك الإصلاحي لم يتقاطع يوما مع رؤية وقناعات الرجل السياسية المحافظة، والذي ما فتئ يقول إنه مع الصوت الواحد. أقوى مؤشرات النجاح إقرار قانون انتخاب يغري القوى السياسية بالمشاركة في الانتخابات، فالمشاركة لا تقل أهمية عن النزاهة، التي تحتاج إلى ضمانات وكفالة بعدم التدخل في العملية الانتخابية ونتائجها، بما يمهد للانتقال إلى مرحلة جديدة من مسيرة بناء الدولة الديمقراطية المؤمنة بالحرية، والتي تحترم حقوق الإنسان وكرامته.الملف الثاني الذي سيبدو مصيريا في الحكم على حكومة الطراونة يتمثل في الكيفية التي سيطوى بها ما تبقى من ملفات فساد، وتحديدا تلك التي ترتبط بمجلس النواب، خصوصا أن الطريقة التي طوي بها العديد من الملفات أثارت حفيظة الرأي العام، وللأسف فشلت في إقناعه بجدية الدولة في محاربة الفساد والمفسدين.<br />التعامل مع ما تبقى من ملفات فساد يجب أن يكون بمنظور جديد، ليخفف من مخاوف الناس وشكوكهم بسياسات محاربة الفساد، وأخطر منه الإفساد الذي بات مدرسة، تخرّج منها كثير من المسؤولين.<br />ولو سلمنا بالرؤية الرسمية (ليس هذا الواقع) بأن الأردنيين من أصل فلسطيني يريدون الإصلاح السياسي، والشرق أردنيون يتطلعون إلى محاسبة الفاسدين والمفسدين، وتحسن مستواهم المعيشي، فسنخرج بنتيجة تؤكد أن أكبر مكونين في المجتمع غير راضيين عن النتائج؛ فلا الإصلاح السياسي نجح، ولا محاربة الفساد حققت نتائج ملموسة، والدولة عاجزة عن تحسين مداخيل الناس وخلق فرص العمل، ولنا أن نرى حجم الفشل الذي نسبح فيه. ( الغد )