كانت السعودية على حقّ

سهرنا حتى الصباح، ثلاث ليال، نتابع البرامج الحوارية المصرية حول سجن المحامي المصري أحمد الجيزاوي في السعودية بتهمة تهريب حبوب مخدرة، وكدنا أن نصدّق الروايات التي تتّهم الرياض بتلفيق التهمة لأنّ الرجل مُدافع عن الحريات، وتعاطفنا معه، فالحملة كانت مركّزة وتشحن العواطف إلى حدّ فقدان العقول.
ذلك ما أدّى إلى محاصرة السفارة السعودية بالمظاهرات، وذلك ما أدّى إلى كتابات مسيئة على سور السفارة بينها رسم لنجمة داود، وهو ما أدّى بدوره إلى سحب السعودية سفيرها، وإغلاق السفارة والقنصليات، وبدا وكأنّنا سنعود إلى أيام عداوات داحس والغبراء، وستينيات القرن الماضي.
على أنّ الأمور بخواتيمها، فالإعلام السعودي شنّ حملة مضادّة بدا منها، بما لا يقبل الشكّ، أنّ الرجل حمل معه ستة كيلوغرامات حبوب سواء بمعرفته أو بجهله، وتمّ بث الصور، وإعترافاته، وإنسحب فريق الدفاع عنه، وبدت مصر أمس وكأنّها في حالة صدمة، وعلينا أن نعترف أنّ الإعلام هو سببها الأول والأخير.
هناك أكثر من مليوني مصري في السعودية، لم يُفكّر بهم جهابذة البرامج الحوارية المصرية المثيرة، والخبر الذي يقول إنّ الرياض تدرس البحث عن عمالة أخرى، والآخر الذي يقول إنّها أوقفت كلّ تأشيرات السفر للمصريين، يضعان ألف تساؤل وتساؤل حول المدى الذي وصلنا إليه من تسرّع، والغريب أنّه يأتي تحت اسم: الربيع العربي!