أين مشاريع صندوق تنمية المحافظات ?

كان من المفترض ان تشهد بداية العام الحالي الانطلاقة الفعلية لصندوق تنمية المحافظات الذي تصل مبالغ تمويله الى خمسين مليون دينار منذ الاعلان عنه رسميا خلال العام الماضي, الا ان نهاية النصف الاول من العام 2012م بدأت تقترب دون ان تلوح اية بوادر لتنفيذ المشاريع التنموية الواردة ضمن برنامجه الطموح, بل ان المواطنين يتساءلون في هذه الايام عنها وفيما اذا كانت قد رصدت لها اية مخصصات مالية في موازنة الدولة, ام انها ضاعت في دهاليز الازمة المالية الحكومية التي قد لا تجد لها حلولا الا على حساب مناطق واسعة بحاجة الى ما ينهض بها من مشكلاتها الاقتصادية والاجتماعية.
ما تم الاعلان عنه سابقا انه قد رصد حوالي خمسة وعشرين مليون دينار لغايات تنفيذ مشاريع صندوق تنمية المحافظات, لكن من غير المعروف هل هي موجودة فعلا في بنود الموازنة العامة ام لا حيث لا دلائل تشير على ان هنالك حركة في هذا الاتجاه التنموي الذي كان من المعول عليه ان يساهم في تنمية المحافظات عن طريق تطويرها وتحسين مستوى معيشة المواطنين القاطنين فيها, مع العمل على تخفيف معدلات البطالة المزمنة وتقليص جيوب الفقر وتوسيع قاعدة الطبقة الوسطى التي يزداد تآكلها يوما بعد اخر!
اذا ما كانت الاموال المخصصة لصندوق تنمية المحافظات غير متوفرة وضاعت في بنود انفاق اخرى لا يمكن ان تكون على اهميتها, فهذا يطرح تساؤلا مشروعا حول الاسباب الحقيقية والدوافع التي تقف وراء تسجيل الموازنة العامة لهذا العام عجزا ماليا مقداره مئة واربعة وسبعون مليون دينار بعد المساعدات خلال الربع الاول اي خلال الاشهر الثلاثة الاولى منه, واذا ما اضفنا الى ذلك المساعدات التي لم تعلن قيمة مبالغها فهذا ما يضاعف معدلات العجز, التي ارتفع بموجبها الدين العام للحكومة خلال الفترة ذاتها حوالي المليار دينار وليسجل اجمالي الديون رقما قياسيا جديدا يبلغ اربعة عشر مليارا وثلاثمئة واثنين وخمسين مليون دينار!
لا يخفى ان مصير صندوق تنمية المحافظات يحظى بالاولوية في الجدل الدائر حاليا حول برامج الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي خارج محيط العاصمة التي تحتكر وحدها اكثر من سبعين بالمئة من مكاسب التنمية على حساب غيرها من مناطق الاردن الاخرى, وهذا ما يفترض ان يكون في اعتبار الحكومة الجديدة وضمن مقدمة اولوياتها, فهنالك مخاوف من ان يلحق الصندوق واهدافه المهمة بغيره من خطط وبرامج تنموية لم تجد طريقها الى التنفيذ على ارض الواقع, مما اسهم في توسيع الفجوة بين المواطنين وتعميق مستوى المشكلات التي نواجهها حاليا!
تجمع التقارير الدولية والمحلية على ان تسريع الاصلاح الاقتصادي والاجتماعي بات ضرورة قصوى, في مواجهة الآثار المترتبة على الاوضاع والتطورات والاحداث السياسية التي تعصف بالعديد من الدول العربية بما في ذلك حراك الشارع الاردني الذي لم يهدأ منذ اكثر من عام ويلقي بظلاله على مجمل الفعاليات الاقتصادية والاجتماعية, وهنا يبرز تساؤل ملح حول المشاريع والاهداف التنموية التي تم الاعلان عن صندوق تنمية المحافظات من اجل تحقيقها, وفيما اذا ذهبت المخصصات المرصودة له في مسارب اخرى على حساب ملايين المواطنين الذين ينتظرون آثارها بفارغ الصبر! .(العرب اليوم)