انتخاب الشيخ همام: رسائل للتطمين وأخرى للتنبيه!

المدينة نيوز - انتهت انتخابات “زعامة” الاخوان المسلمين باعادة الولاية مرّة ثانية للدكتور همام سعيد، وكما كان في انتخابات 2008، صوتان فقط حسما النتيجة في الجولة الثانية وتعذر على الشيخ سالم الفلاحات أن يدفع بهما الى رصيده في الصندوق.
يبدو المشهد – على السطح – مفهوماً، فبعد أن انسحب الدكتور عبدالحميد القضاة، أصبح مجلس الشورى امام خيارين “متكافئين”، وقد عكست نتائج التصويت ذلك بالفارق البسيط بين الرجلين، لكن في “عمق” المشهد كان ثمة قراءات ورسائل – وربما صراعات وخيارات اخرى.
المزاج العام داخل الجماعة لم يكن مختلفاً عن مزاج “الشارع”، فمعادلة المراوحة التي حكمت “حركة” الاخوان منذ عشر سنوات لم تسمح لهم بحسم ما يلزم من اجابات على اسئلة كثيرة ظلت معلقة برسم ما يستجد من احداث، كما لم تسمح للجماعة باستعادة “عافيتها” والخروج من دائرة “الصراع” الداخلي، سواء باتجاه العلاقة مع الداخل او مع الخارج بأطرافه واستحقاقاته ومتغيراته المعقدة.
وسط اضطراب وحيرة وانقسام، كان مزاج الاخوان الذي انتقلت اليه عدوى مزاج المجتمع يتلمس اكثر من خيط للتعبير عن نفسه، لكن تحت ايقاع الاحداث المتسارعة التي شهدها بلدنا في الايام الماضية، كان لا بدّ من توجيه رزمة من الرسائل، واعتقد أن اختيار الشيخ سعيد هو العنوان الذي اجتهد الاخوان في تحديده لاصدارها.
لدى الاخوان – ربما – قناعة بأن استقالة الخصاونه كانت بمثابة رسالة من الدولة اليهم، فقد خرج الرجل الذي حاول مراراً أن يعيدهم الى الملعب السياسي، وبرحيله طرأت معادلات ساسية جديدة أخرجتهم هي الاخرى من “ميدان” الاستقبال وربما الحوار، وربما ما هو اكثر من ذلك، ولأنهم يعتقدون بأن مشروع الاصلاح تعطل او تعقد، وبأن “مشاركتهم” فيه بشروطهم التي اشهروها لم تعد مطلوبة، او مرحباً بها كما كان في السابق، فإن اختيارهم للشيخ الفلاحات سيكون سباحة ضد التيار، أو على الاقل خياراً لا جدوى منه، فالرجل محسوب على خط “الاصلاح” ومستعد لفتح أبواب الحوار، كما ان علاقاته الممتدة مع حراكات الشارع ومع النخب الاخرى تسمح له بعقد ما يلزم من صفقات، هذا لو كان ثمة “أمل” في انطلاق قطار الاصلاح وحاجته لمن يدفعه الى الامام. لكن يبدو أن خط الرجل في حسابات “اللحظة الأخيرة” خذله مرّة اخرى، هذا بالطبع خسارة للجماعة، لكن كان ثمة حاجة لتوجيه ما يلزم من رسائل تطمين وتنبيه، وتمريرها من “بريد” الفلاحات برأي الجماعة لن يكون مناسباً.
كانت تصريحات رئيس الحكومة الجديدة – إذن – حاضرة في “صناديق” انتخابات الجماعة، كما كانت اصداء “الاستدارات” الاصلاح الجديدة حاضرة من خلال “صوتين” فقد حسما النتيجة لصالح الرجل المحسوب على “الصقور” بكل ما يحمله الاختيار من دلالات عابرة لحسبة “التقسيمات” الجغرافية والسياسية ايضاً، وعابرة لمعادلات العلاقة بين الاخوان شرق النهر وغربه، وبين الاخوان والمجتمع الذي أتعبته “فزاعات” التخويف من الانشطار. إذن، هل قرر الاخوان التصعيد أم الانكفاء؟ اعتقد أن خيار “الانكفاء” هو المتاح الآن، لكنه انكفاء مؤقت وليس انسحاباً، مرحلة “كمون” إن شئت لاعادة ترتيب الاولويات والبحث عن البدائل، واختبار الخطوات.
سيبقى الاخوان – كما كانوا – في الشارع، لكن لقاءهم سيكون محسوباً باتجاه “قرار” الانكفاء والمقاطعة، ومداومة الدفاع والهجوم، واستثمار القوى الجديدة الصاعدة في الشارع، والرهان على وقائع ومستجدات تستولد اضطرارات وخيارات عاجلة.
باختصار – نخطئ – اذا تركنا “الابواب” المشروعة مسدودة امام ما وصلنا من رسائل عبر بريد “انتخابات” الجماعة، ونخطئ اكثر إذا لم نبعث برسائل مقنعة للناس تطمئنهم على “مشروعهم” الاصلاحي وتسحب من دواخلهم الخوف والاحباط.. وترد على اسئلتهم المعلقة في “الشارع” بإجابات صحيحة تعفيهم من “لا جدوى” البحث عنها في عناوين مغشوشة. (الدستور)