كهل تسعيني يعيش طريدا في البراري بانتظار من ينصفه
المدينة نيوز - كان حلم المواطن التسعيني سلمان البرابرة منذ الصبا بحجم وطن ، وكان يريد حياة يحقق من خلالها عيشا رغيدا ، تكفيه مؤونتها غائلة الجوع والعوز ، فكدح عبر عقود ليحيى الحياة الكريمة التي ارادها وخطط لها هو وعائلته ، لكن الظروف كانت عاصفة وذهبت بكل محاولاته ادراج الرياح .
وبعد ان اخذت السنون من حياة البرابرة كل ماخذ ، لم يمد يده سائلا احدا الا الله سبحانه وتعالى ، واتجه الى صندوق المعونة الذي خذله ، وعاش عيشة الكفاف مع ولده وما زال ، في البراري وعلى سفوح جبال وتلال واودية لواء القصر ، مجردا من كل شيء الا من كرامته. أيعقل ان يفترش التسعيني سلمان البرابرة وولده عطا لله الارض ويلتحفا السماء منذ اكثر من خمسة عقود خلت في اودية وجبال لواء القصر ، بعد ان فارقا الأهل والاحبة ليقاسيا المرض والجوع وحيدين، متنقلين من جذع شجرة الى جدار منزل او الى كهف مهجور ، ليتقيا حر الصيف وبرد الشتاء، دون معيل او يد حانية ترعى ضعف الابن وكهولة الأب.
معضلة سلمان وولده عطالله ، انه لا توجد لديهما وثيقة تثبت وجودهما على هذه البقعة من الارض، وليس لديهما رقمين وطنيين ، الامر الذي - بحسب التنمية الاجتماعية - كان سببا في حرمانهما من المعونة ، كما ان قوانين التنمية الاجتماعية تقول بعدم استحقاقهما للمعونة الوطنية الا بالرقم الوطني ! ومعنى ذلك ان يقضيا نحبيهما في اودية لواء القصر قهرا وجوعا ومهانة.
وهنا نستذكر ذلك السبعين عواد ، الذي قضى نحبه قبل عامين في اودية سحيقة في لواء المزار الجنوبي ،عندما انتظرت جثته الهامدة عودة الباحثين الاجتماعيين الذين لم يكملوا دراستهم الاجتماعية ، فعادوا اليه وقد تحلل جسده ونخرت عظامه.
يقول عطالله " الابن " - الذي لا يقوى الا على الكلام – اسكن ووالدي ابن التسعة عقود في هذا العراء نفترش قطعة قماش وثياب رثة كما ترى ملتجئين الى المنازل المهجورة والكهوف نقتات على اعطيات اهل الخير من ابناء المنطقة احيانا وكثيرا ما نقع فريسة للجوع والمرض.
ويشير الى خيمة كانت تاويهما قبل عام احترقت عندما ترك والده وحيدا ذات مرة لقضاء حاجة لهما الا انه يحمد الله على سلامة والده الذي نجا باعجوبة من الحريق وهو بداخلها. ويضيف لقد اغلقت التنمية الاجتماعية ابوابها في وجوهنا لعدم وجود اثباتات ورقم وطني لدينا علما باننا خلقنا على هذه الارض، وكان والدي في سني شبابه قادرا على العمل وكسب الرزق ولم يدر بخلده اهمية الحصول على وثائق ثبوتيه كغيره من البدو الرحل ورعاة الماشية، الا بعد العجز وقلة الحيلة مناشدا الجهات المعنية واصحاب الضمائر الحية مساعدتهما للحصول على بطاقتي معالجة وبناء غرفة تأويهما.
من جانبه طلب مدير التنمية الاجتماعية في لواء القصر انور العبيسات من المدعو سلمان البرابرة وابنه عطا لله تقديم اوراقهما الثبوتية الرسمية ليتمكن الباحثون الاجتماعيون من دراسة حالتيهما وتقديم الدعم لهما مشيرا الى وجود اسس معتمدة في التنمية الاجتماعية وصندوق المعونة الوطنية للحالات التي تنطبق عليها شروط تلقي المعونة. ولفت الى ان التنمية الاجتماعية تابعت وضعهم في مواقع سكن متعددة وقدمت لهم خيمة وملابس وصوبة كاز .
ويبقى السؤال معلقا , ألا من حل جذري لمعاناة سلمان وعطاالله؟
( بترا )