حلّ الدولتين الإسرائيلي

تم نشره السبت 05 أيّار / مايو 2012 06:42 مساءً
حلّ الدولتين الإسرائيلي
حماده فراعنه

ليست المرة الأولى التي يُعلن فيها نتنياهو زعيم الليكود، رئيس الوزراء الاسرائيلي، تأييده لإقامة دولة فلسطينية مترابطة ومنزوعة السلاح، فقد سبق وأعلن لأول مرة في حزيران 2009، بعد خطاب الرئيس الأميركي أوباما في جامعة القاهرة، أنه يوافق على حل الدولتين على أرض فلسطين التاريخية، واعتبر موقفه أنذاك نقلة ثورية، لأنه اختلف مع شارون حول هذا الحل ووقع الانشقاق بينهما بسبب ذلك الموقف المتقدم من قبل شارون والذي سبق نتنياهو عدة سنوات على إعلانه، ومنذ ذلك الوقت انبرى نتنياهو متقدماً بشكل هجومي على الرئيس محمود عباس، مطالباً إياه بفتح التفاوض على أساس حل الدولتين، ومتهماً الرئيس الفلسطيني بالتهرب من طاولة المفاوضات، الأمر الذي دفع أبو مازن إلى الاستجابة لقبول أشكال مختلفة من المفاوضات ، تحت إلحاحات نتنياهو، وضغوط أميركية وعربية ، أثمرت عن لقاء القمة بين نتنياهو وأبو مازن برعاية الرئيس أوباما في واشنطن، ولقاءات سرية أدنى بين الطرفين في القدس، ولقاءات استكشافية تمت برعاية أردنية في عمان، ولقاءات متكررة بين عريقات ومولخو مرة أخرى في القدس لم تحقق ما هو مطلوب منها فلسطينياً وهي:

1- وقف الاستيطان وتهويد القدس 2- البدء من النقطة التي توقفت عندها المفاوضات مع يهود أولمرت 3- تحديد حدود المفاوضات بخطوط الرابع من حزيران 1967 وعلى أساس أنها الحدود الفاصلة بين الدولتين ، وأخيراً 4- إطلاق سراح أسرى مرحلة ما قبل التوقيع على إتفاق أوسلو التدريجي المتعدد المراحل ، الموقع عام 1993 .

رفض نتنياهو للنقاط الأربع لا يعود لأسباب إجرائية، بل يتعلق بقضايا مبدئية، فهو يرفض مبدئياً حل الدولة المستقلة للشعب الفلسطيني، ويرفض حل الدولتين على أساس الانسحاب حتى خطوط الرابع من حزيران 1967 ، ويرفض عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى الأراضي والمدن والقرى التي طردوا منها عام 1948 ، واستعادة ممتلكاتهم فيها أي في اللد والرملة وحيفا ويافا وبئر السبع، والتعويض على معاناتهم جراء التشتت والتهجير بسبب ما وقع عليهم من ظلم وإجحاف على أيدي القوات الأسرائيلية، وأخيراً يرفض تقوية أبو مازن وخياراته لأنها تقوى على حساب إسرائيل ووضعها الاستراتيجي .
حل الدولتين بنظر نتنياهو يقوم على إعطاء الفلسطينيين ما تبقى من الضفة الفلسطينية بعد اقتطاع ثلاثة مواقع هي القدس الشرقية، والأراضي الواقعة غرب الجدار العازل، ومنطقة الغور بعمق 15 كيلو مترا على امتداد نهر الأردن حتى لا تكون هناك حدود أردنية فلسطينية بل مجرد معابر مسيطر عليها من قبل الأسرائيليين لتحول دون تدفق وعودة النازحين ومن يرغب لأستعادة هويتهم الفلسطينية ورقمهم الوطني ، وهو حل ورؤية وطرح لا يقبل بها أي فلسطيني، ولا يسمح لنفسه بالاستماع لمضامينها، أو تداولها، أو أن تكون مجرد اقتراح على الطاولة ليتم تعديله، فالأساس أن يكون على الطاولة قرارات الأمم المتحدة وعلى أرضيتها تتم المساومة والتعديلات، لا أن يكون الطرح الأسرائيلي المهين هو قاعدة الحل، مدعوماً بموازين القوى "الطابشة " لصالح التفوق الأسرائيلي العسكري والبشري والتكنولوجي والسياسي والأستخباري ، ومهما حاول المفاوض الفلسطيني إجراء تعديلات أو رفع سقف مطالبه، فلا يصل إلى مستوى الحد الأدنى المقبول فلسطينياً وعربياً ودولياً ، ونتنياهو يستغل الرفض الفلسطيني لتسويق نفسه على أنه يعمل ويدعو للمفاوضات وها هو يعلن قبوله بحل الدولتين ، وذلك بهدف واضح الهروب إلى الأمام ، وعدم التجاوب مع المسؤوليات والاستحقاقات المطلوبة منه، فلسطينياً وعربياً ودولياً .

الفلسطينيون لديهم مشكلة إسرائيلية لا يملكون حلها تتمثل بثلاثة عقبات تعترض طريقهم وصولاً إلى طاولة المفاوضات هي أولاً نتنياهو نفسه ، وثانياً حزبه الليكود الذي لا يقل شراسة وتطرفاً عنه وبعض قياداته يزيد عليه، وثالثاً الائتلاف الحكومي الأكثر تطرفاً من نتنياهو ومن الليكود .
ولديهم مشكلة أميركية ثانية تتمثل بتهرب واشنطن من مسؤولياتها هذا العام بسبب الانتخابات الرئاسية ، والرئيس الأميركي مرهون للاشتراطات الأسرائيلية اليهودية الصهيونية وتأثيرها على صناديق الاقتراع من خلال المال والأعلام والأصوات اليهودية ، مما يعكس نفسه على مبادرات الحل وتوظيف الضغط الأميركي على الطرف الفلسطيني الضعيف مخلياً الطرف الإسرائيلي من إلتزاماته وعدم إيفائه بما هو مطلوب منه .

ولدى الفلسطينيين مشكلة ثالثة بالغياب العربي، وتفككه، ما بين الرضوخ للضغوط الأميركية والاستجابة لمطالبها، بما فيه العمل على تجفيف موارد منظمة التحرير وسلطتها الوطنية وعدم تسديد الالتزامات المالية المترتبة عليهم نحو فلسطين والقدس، والجزء الأخر من العالم العربي غارق في مشاكله الداخلية الأمنية والسياسية والاقتصادية حتى نخاع العظم .

ولذلك لا حلول للوضع الفلسطيني إلا عبر المارد الفلسطيني، والبوابة الفلسطينية وتأطير القدرات الفلسطينية وتحريكها على أرض الواقع والمواجهة عبر مناضلي شعب الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، وعبر مناضلي شعب الضفة والقدس والقطاع ، وعبر الجاليات الفلسطينية المنتشرة في العالم، كي يتعلموا من اليهود ماذا يصنعون لإسرائيل ؟ ماذا يفعلون لها من دعم وتأييد ليفعلوا مثلهم في كيفية دعم فلسطين وشعبها ونضالها ؟ .

العامل الفلسطيني هو الأساس فهو المظلوم وهو المضطهد وهو الذي يأكل الحصرم والعصي، وبالتالي هو المعني بالنضال والتخلص من العذاب ، والعامل الثاني الذي لا يقل أهمية قبل العرب والمسلمين وأميركا وأوروبا هو العامل الإسرائيلي، كيف يمكن اختراق المجتمع الإسرائيلي وكسب انحيازات من بين صفوفه لعدالة القضية الفلسطينية وشرعية مطالبها ، وكيف ربط المستقبل الأسرائيلي وأمنه مع فلسطين وشعبها وليس مع الجموح والتطرف الاستعماري الإسرائيلي التوسعي المدمر للإسرائيليين وللفلسطينيين على السواء .

العقل والإرادة الفلسطينية اللتان خطتا طريق الخيار الفلسطيني منذ الخمسينيات والستينيات واختارت طريق فتح وجبهة التحرير الفلسطينية وأبطال العودة وشباب الثأر ، وإختارت طريق المواجهة في معركة الكرامة ، وإختارت الحل المرحلي، واتفاق أوسلو التدريجي المتعدد المراحل وعودة الجزء الأكبر من القيادة الفلسطينية إلى الوطن، ونقل الموضوع الفلسطيني من المنفى إلى الوطن ، هذا العقل وهذه الأدارة ، ستكشف طريقها ، وتختار برنامجها، القائم على ثلاثة عوامل هي وحدة المؤسسة ووحدة البرنامج ووحدة الأدوات الكفاحية ، وعندها، ستواصل الحركة الوطنية الفلسطينية طريقها نحو إسترداد مبادراتها الخلاقة، في مواجهة المشروع الاستعماري الإسرائيلي برمته وهزيمته وانتزاع حقوق الشعب العربي الفلسطيني الثلاثة : حقه في المساواة في مناطق 48، وحقه في الاستقلال في مناطق 68 ، وحقه في العودة للاجئين، ولا خيار أخر



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات