الساحة السياسيَّة والفراغ

تم نشره الأحد 06 أيّار / مايو 2012 03:32 صباحاً
الساحة السياسيَّة والفراغ
رحيّل غرايبة

يبدو أن الساحة السياسية في الأردن تعاني من فراغ سياسي كبير لم تستطع القوى السياسية التقليدية ملؤه, ولم تستطع أن تنتقل الى طموحات الشباب والأجيال الجديدة, ولم تستطع التواصل مع هذه الجمهرة الكبيرة من قطاعات المجتمع المتشكلة على حافة الضياع والارتباك.

هذه الشريحة الواسعة من الجيل التي تشكل ما يزيد على 60% من المجتمع تشعر بالإهمال والتهميش والضياع, فلا الحكومات المتعاقبة استطاعت تفهم هذا الواقع فضلاً عن القدرة على التفاعل معه ومعالجة اختلاله, ولا القوى السياسية على اختلاف مشاربها واتجاهاتها ومرجعياتها استطاعت التواصل مع الأغلبية الساحقة من هذه الشريحة, فضلاً عن استيعابها, وتشغيلها ومعالجة البطالة الواسعة المنتشرة في أوساطها, واقصد بالبطالة هنا ليس البطالة عن العمل وإنما البطالة السياسية.

ويجب أن نتفق على منطلق حاسم, بأن أي قوة سياسية, تخلو من الحضور الواسع والمكثف لمجتمع الشباب, فقد حكمت على نفسها بأنها تنتسب الى الماضي, وإنها في تراجع, وإنها تسير نحو الضعف والأفول والمسألة مسألة وقت فقط.

الحضور الفاعل للشباب, ليس بمحاولة الضحك على هذه الشريحة من خلال تمثيلها المتكلف والمصطنع, ولا من خلال الشعارات العاطفية التي تخاطب الوجدان, ولا من خلال الوعظ السطحي, وتكرار عنوان المشكلة بطريقة مملة, تخلو من الفهم العميق لحقيقة الأزمة, وتخلو من الأسلوب المنهجي السليم باجتراح الأطر الواسعة القادرة على استيعاب هذا الكم الهائل من العقل النشط والهمة الوثابة وإطلاق العنان للحركة الإبداعية الشبابية في الانجاز والمشاركة وتحقيق النجاح, وامتلاك أدوات الفرز والتقويم.

نقطة البداية لا تتمثل بجلب الشباب الى أطر مرسومة سلفاً, لها قيودها وعاداتها وأعرافها المستقرة التي لا تقبل التغيير إلاّ بالكسر والمكاسرة والمعالجات النزقة التي تستنزف الجهد والفكر وتقتل العاطفة وتحطم الأمل.

إن القوى السياسية التقليدية التي اعتاد رجالها التكيف مع الواقع المريض, والعمل من خلال معادلات الاستبداد والفساد خلال نصف قرن من الزمان, لن تكون قادرة على الانعتاق من هذا الواقع ولن تستطيع التمرد على المعادلة الخطأ بين عشية وضحاها, ولا يتحقق بمجرد الرغبة والاطلاع على الحقيقة المرة.

الحل يكمن في تلمس الطريقة الموضوعية والمنهج العلمي في التفكير والبحث, القادر على توجيه العقل الشبابي الجمعي الى ابتكار الأطر الجديدة القادرة على معالجة الأوضاع, وليس بفرض الحلول الجاهزة عليها والأطر المعدة سلفاً.

ليس الذي أقول تهجماً على احد أو مجموعة أو حزب, وليس تقليلا من جهد احد وجهاده, وليس تهكماً على التراث والتقاليد, وإنما ما يجب أن نعرفه أن كل اجتهاد توصل إليه العقل في الماضي السحيق أو القريب, هو محل تقويم وإعادة نظر, ولا يصل الى مرتبة القداسة التي لا تقبل النقاش والحوار.

والشيء الآخر أيضاً أن أهل كل زمان أكثر معرفة بزمانهم, وهم مؤهلون للاجتهاد بما يصلح زمنهم, واجتهاد السابقين محترم ومقدر ولكنه أكثر صلاحاً لزمنهم هم, ورحم الله عمر عندما قال اعدوا أبناءكم لزمان غير زمانكم.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات