تصفية الشركة الوطنية للكهرباء

الشركة الوطنية للكهرباء، التي تملكها الحكومة بنسبة 100%، لا تصدر تقريراً سنوياً، ولا تنشر ميزانيتها وحساب الأرباح والخسائر في الصحف كما تفعل الشركات، ومع ذلك تسكت عليها مؤسسات الرقابة المختصة، ولا غرابة في ذلك، فالشركة جزء من القطاع العام، وهو محكومة بالخسارة وسوء الإدارة فلا جديد في هذا الشأن.
خسائر الشركة نتيجة بيع الكهرباء بأسعار لا تزيد كثيراً عن 40% من الكلفة تحسب بالمليارات، وبذلك تكون الخسارة لتاريخه عدة أضعاف رأسمالها الصغير نسبياً، الأمر الذي يفرض على مراقب الشركات أن يتدخل ويطلب تصفية الشركة، إلا إذا كانت تملك حصانة من تطبيق قانون الشركات عليها.
تصفية الشركة الوطنية للكهرباء عملية مستحقة، ومن شأنها إلغاء دورها كنقاب يغطي وجه وزارة المالية المسؤولة عن خسائر الشركة بسبب عجزها عن تصويب الوضع وتحديد التعرفة التي تسترد الكلفة، إلا إذا كانت وزارة المالية من رأي الشارع الذي يقول بعدم جواز إصلاح الاختلالات الاقتصادية والمالية إلا بعد القضاء على الفساد واسترداد الأموال المنهوبة!!!.
لنفرض جدلاً أنه تم استرداد أموال الفساد، فإن ذلك سيكون تصويباً للماضي، والاستعمال الصحيح لمثل تلك الأموال المفترضة هو تسديد جانب من المديونية، ولكن ذلك لا يمنع تصويب الأوضاع الاقتصادية، وإزالة الاختلالات، لأن ذلك يخص المستقبل.
لا نعرف كيف تتعامل الشركة الوطنية للكهرباء محاسبياً مع الخسائر التي تحققها والقروض التي تعقدها ، فهل يتم تسجيلها كخسائر أم تقيد على وزارة المالية كذمة تغطى بالقروض المكفولة من قبل وزارة المالية خلافاً لقانون الدين العام الذي يخظر كفالة الشركات، ولا يسمح بكفالة المؤسسات العامة إلا لأغراض النمو والتوسع وليس تمويل الخسائر؟.
إذا كانت تسجل كخسارة فالتصفية إجبارية لأنها تجاوزت رأس المال عدة مرات، وإذا كانت تقيد كذمة على وزارة المالية فإن على وزارة المالية أن تعترف بها وتظهرها ضمن النفقات المتكررة، ليظهر العجز الحقيقي في الموازنة العامة الذي يمكن أن يصل هذه السنة إلى أربعة مليارات من الدنانير او 18% من الناتج المحلي الإجمالي إذا لم يتم التصحيح الآن وقبل فوات الأوان.(الرأي)