غياب المعايير

تم نشره الأربعاء 09 أيّار / مايو 2012 05:04 مساءً
غياب المعايير
أ.د.هُمام غَصيب

كتبْتُ غيْرَ مرّة - بكلّ أسىً وأسف - عن غياب النقد عندنا; النقد الموْضوعيّ البنّاء في شتّى مناحي الحياة. فنحن, مثلاً, لا نعرف قاماتِنا الحقّة; وإنْ عرفناها, فإنّنا لا نعرف بالضبط ما الذي جعلها قاماتٍ عالية. ونحن نلمّعُ بعضَهم أكثرَ ممّا يجب; كما نُقزّمُ بعضَهم الآخر من دون وَجْه حقّ. ونخالُ الإعلامَ حكمًا! والانطباعات تسود والهوى يَرين حيث يجب أنْ تكونَ اليدُ العُليا للتحليل والمنطق والموْضوعيّة.

أتساءل: لِمَ تُتقنُ أممٌ أخرى هذه الأمور أكثرَ منّا بكثير? أهو النّضجُ الحضاريّ? أم إدارة الحكم الرشيد, بكلّ ما يَعنيه ذلك من قوانينَ وأنظمةٍ وأسُس ومعاييرَ وقِيَمٍ وأخلاقيّاتٍ ومؤسّسات? أم ماذا?

لقد أقمْتُ في إنجلترا عُمراً إبّان فَتْرتي التكوينيّة. كما أقمْتُ مدّةً طويلةً نوْعاً في الولايات المتحدة وغيْرها. وكمْ كنْتُ أغبطُ القوم حين يُعيّنون أو يَنتخبون مجالسَ أو مسؤولين أو حتّى رؤساء! وأيّ أخطاء في هذا الشأن تُصوّبُها منظومةُ الحكم نفسُها. أمّا عندنا, فسرعان ما يختلط الحابل بالنّابل; سواء على صعيد انتخابٍ أو تعيينٍ أو إصدارِ أيّ حُكم!

وأكتبُ الآن عن الوَجْه الآخر للعُملة نفسها; أي غياب المعايير في كلّ الميادين. فكيف نختارُ أو نُعيّنُ أو ننتخبُ المسؤولين في مؤسّساتنا (جامعاتنا, أو حكوماتنا, أو هيئاتنا المستقلّة, أو مجالسنا, ...)? ما هي المعاييرُ المعلَنةُ والمُضْمَرة? وإذا شُكّلتْ "لَجْنَةُ استقصاء" للبحث عن الشخص الأنسب, هل نختارُ أعضاءها حَسْبَ معاييرَ صارمة? أم هي الأسماء نفسها نتداولها المرّة تلو المرّة حتّى الجمودِ والرّكود; وكأنّهم هم وَحْدَهم في طول البلاد وعرْضها?

وماذا عن المواهب والكفاءات المطمورة? كيف نَكشفُ عنها ونَعجمُ عودَها من دون معاييرَ ناصعة? وكيف نُزيلُ الغبارَ عن وُجُوهِها النّضرة من دون التجرّدِ من الأهواء?

أين معاييرُنا المعتَمدةُ في كلّ قطاع? ما العمل? أين "الفكر العمليّ" الذي من شأنه أن يَنبريَ لمثل هذه الأسئلة?

قد نبدأ بالتجريب في مؤسّسة ما, مستفيدين من إرْثِ الإنسانيّةِ في كلّ مكان; على أمل أنْ نعثرَ على النموذج الذي يُحتذى. ومن ثمّ قد تمسّ العدوى مؤسّساتٍ أخرى. لعلّ وعسى!

وتبقى المعاييُر الصارمة في مجتمع الكفاءة جُزءاً من منظومةِ القِيَمِ والأخلاقِ والأخلاقيّات. ( العرب اليوم )

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات