ما بعد نظــــام الأســـــــــــد ...
في خضم تسارع الأحداث بشكل سريع جداً على الساحة السورية، ومع إقتراب موعد حسم هذا الملف "دولياً "، على الأقل بإعتقادنا، وذلك بتقديم المبعوث الدولي كوفي عنان لتقريره النهائي حول مدى تطبيق النظام السوري لخطته لحل الأزمة في سوريا، وهو الأمر الذي أصبح الكثيرون يلاحظون لجوء النظام إلى اللف والدوران فيه، حتى أصبحت طرق النظام مكشوفة تماماً لأصغر المراقبين للوضع في سوريا، حيث أصبحت التفجيرات على سبيل المثال أحد أساليب العقاب الجماعي من قبل النظام، للمناطق التي يتجرأ أهلها ويخرجون فيها للتظاهر، فهي الطريقة الملائمة لعقاب المتظاهرين، وإلصاق تهمة التفجير بهم في الوقت ذاته. تمنينا كثيراً أن يبقي النظام في سوريا على أمل، ولو ضئيل لحل سياسي للأزمة، ولكنه للأسف تفنن في إغلاق جميع الطرق في وجه حل الأزمة، وقد قلناها سابقاً بأن أول قطرة دم تسقط في بلد عربي، ستكون بداية النهاية لنظامها السياسي، فالعربي ذو الدماء الحامية لا يقوى أن يرى دماء أهله تسيل أمامه، وهو واقف يتفرج عليها بكل برود. مقطع شاهدناه قبل عدة أيام أوصلنا إلى قناعة ويقين أكثر من أي وقت مضى، بأن الضربة الدولية قادمة للنظام السوري لا محالة، وأنها مسألة وقت لا أكثر، حيث أن المجتمع الدولي يعمل على إستنفاذ جميع المبررات، وتحجيم أي تعاطف مع النظام في سوريا قبل توجيه مثل هذه الضربة القاصمة له. ذلك المقطع الذي رأينا فيه جنوداً للنظام يدفنون فيه أحد السوريين بالتراب، وهي حي، لأنه لم يقبل ترديد "لا إله إلا بشار " !! عندها لم تقبل دموع العين أن تنزل كما هي العادة، وإنما أستبدلت هذه المرة بكم هائل من مشاعر القهر، والقرف، والمهانة، لمثل هذا النظام الذي وصل إلى هذا المستوى من الإنحدار، والإجرام، فلم يكتف بتكميم الأفواه، والقتل، والتشريد، والتنكيل بمعارضيه، بل ودفنهم في التراب أحياء إن لم يقبلوا الركوع له !!! لا حول ولا قوة إلا بالله، كم تحتضن أرضك يا شام من الأحرار. واليوم وبعد أن كتبنا العديد من المقالات السابقة بالشأن السوري منذ إندلاع الأزمة فيها، وقفنا فيها إلى جانب ذلك الشعب الشقيق المقهور، لأننا لم نعتد أن ننصر الظالم على المظلوم، رأينا أنه لزاماً علينا في هذه المرحلة أن نكتب سطورنا، ونوجهها هذه المرة إلى المعارضة السورية، ومن يمثلونها، وعلى رأسهم المجلس الوطني السوري، وذراعه العسكري الجيش السوري الحر. إن أهم ما في هذه المرحلة بالنسبة للمعارضة السورية، هو "توحيد الصفوف "، فعدم توحيدها هو من أفقد المعارضة تعاطف الكثيرين للأسف، حتى من أبناء الشعب السوري، فكثير من دول العالم ترغب بالإعتراف بالمعارضة السورية، ولكنها لا تعلم بمن تعترف؟ فهناك أكثر من جهة، وأكثر من متحدث، وأكثر من فصيل يتحدث بإسم المعارضة، وهو ما يعني بأن البديل عن النظام الحالي سيكون خياراً أسوأ بكثير. ولا يريد أحد ممن يتعاطفون مع الشعب المقهور، أن يكون ما بعد نظام الأسد في سوريا، حرباً أهلية تحرق الأخضر واليابس، بل يريدون شعباً موحداً، بقيادة موحدة تستطيع النهوض بالبلاد، نحو التعددية، والحرية التي تشتاق لها كل أطياف الشعب السوري.
بإختصار شديد، إذا لم تريد المعارضة السورية سيطرة أجنبية على بلادها بعد رحيل نظام الأسد، أو حرباً أهلية شرسة لا تبقي ولا تذر، عليها أن توحد صفوفها، وتقف في وجه النظام الظالم صفاً واحداً صلباً، لتتمكن بالفعل من النهوض بالبلاد بعد رحيل النظام الحالي. كفى أهلنا في سوريا دماء ودموع، كفاهم قتل وتشريد، كفاهم فرقة وتشرذم، وإن لم تجد المعارضة شيئاً يوحدها، فلتوحدها دماء أطفال سوريا، حمزة الخطيب، وساري ساعود، وأمجد العاسمي، وغيرهم من الزهور والورود التي تم إقتلاعها من ربيع شام العز بالظلم والتجبر .... أيا شام البطولة فلتنهض وتكسر قيودك فدم الأحرار الفائر حتماً سيكون وقودك فللظالم جولات سيحرق فيها ربوعك لكن مكانه سيبقى محجوز وسط قبورك فلترفع رأسك يا شام وليعلو شموخك طالما كان الأحرار والأوفياء هم رجالك وجنودك.