أريد عنوانا آخر
أخطأت حين ظننتكِ يوما صفحة لا تتمزق من دفتر حياتي.. فكنت أنتِ من مزق كل الدفتر، وقلت في نفسي: أنت هي من اخترت لها وردة العمر هدية مقدسة.. فكنت أنت ذاتك من اختار أن يدوسها، لست أعرفك..أكاد أجهلك.
ذرفت دموعا من عينيها لم تعتقد أن كل العالم يستطيع أن يفهمها..لقد تكلمت رغم الصمت وقالت لصدى الذكريات ما يوجب المقال في وقت لم يعد ينفع فيه القيل والقال....
كانت طفلة بين يديه ترسم العالم لوحة تلونها بألوانه، وتكتب الحب جدولا مخططا بأقلامه، كانت ينابيع الحب تتدفق إلى قلبها الأحمق دون توقف... واليوم أوشكت كلها على الجفاف...
لماذااااا؟! صرخت بأعلى صوتها.. لماذا؟!!!!!
حدق في عينيها الجميلتين طويلا لم يتوقع منها هذا الصراخ... أمسكها من ذراعيها بقوة وقال: ألست أنت من اخترت الجفاء؟ ألست أنت من ظن بأن الابتعاد شوق لا ينتهي وحنين لا ينضب؟!.. وأنا لست بمغفل ولست دميتك التي تلعبين بها متى احتجت لرسم الابتسامة على شفاهك.
هزت رأسها وقالت: لستُ كما ظننت.. اختنقت العبارات في جوفها.. غادرت المكان بكل هدوء ولم تحاول أن تنظر إلى الوراء مجددا...
الوراء كلمة لطالما كرهتُها؛ شبح من ذكريات كل جمالها ينتهي في لحظة طيش أو غفلة...
متعبة أنا من لعبة الدهر التي رمتني بين أحضانه يوما.. غاضبة جدا من كونه لا يفهم.... أو ربما أنا التي لم تفهم يوما كيف تقول الحقيقة بصوت مرتفع...
لم أهرب في أي يوم منك ولكني لا زلت أهرب من أيامي.. علمني كيف أحب فأنا لا زلت طفلة لا تعرف عن الحب سوى كلمات البراءة.. علمني فأنا التلميذة وأنت أستاذي... وأنا أريد أن أعشقك.. وأريد أن أتنفسك هوائي.. وأراك مد البصر سمائي.. علمني فأنا أخاف الحب لأني لا أدركه.. وأخافك بمقدار ما أخاف الحب.. علمني فأنت من سيكون أماني يا مجهولي المنتظر.. علمني عساي أنال شهادة من جامعة قلبك.. علمني فأنا خاطرة لن تكتمل إلا إن كتبت أنت نهايتها.. وأنا لست أنا إن لم تكن معي.. فلا تختر الفراق عنوان حكايتنا.. ولا تكتبني قصيدة رثاء لنفسي...
بكت كثيرا وأهدت دموعها لؤلؤا منثورا لهدير البحر في زمن كل الأماكن فيه كأي مكان...
الكلمات أقصر الوسائل لإرسال الرسائل لكننا حين نقولها بصدق لمن أحببناهم فإننا نشعر بالريبة إن كانت ستلامس روحهم كما لامست أرواحنا المتعبة والمشتاقة.. وفي حضرة الغياب دائما نستطيع أن نقول الكثير مما لا يتسنى لنا قوله في حضرة الأحباب...
لكن طيور الحب نقلت كلماتها دفئا إلى ذلك القلب اليائس من عشقه الضائع...
ومع ذلك فإنا ما زلنا لا ندري ما أصل الحكاية، وكيف كان للفؤاد أن يهمس في الفؤاد كلمات النسيان وإن كان يوما سيكون للحب عنوان آخر غير الفراق!!........
بقلم: منار حافظ إسماعيل.