حصانة ضد الاعتراف بالفشل

تم نشره الثلاثاء 15 أيّار / مايو 2012 04:24 صباحاً
حصانة ضد الاعتراف بالفشل
باسم الطويسي

سلسلة من الصناديق والمشاريع والبرامج الوطنية التي أنشئت بهدف الحد من مشكلة البطالة والفقر، انطلاقا من أن سر الفقر في الأردن يكمن في العمل؛ أي في عدم توفر فرص عمل. هذه الصناديق والبرامج يلف نتائج عملها الذي تجاوز سنوات طويلة الغموض؛ فلا نتائج حقيقية وواقعية ملموسة على أرض الواقع تنعكس في مؤشرات البطالة والفقر، تحديدا في المحافظات، ولا دراسات علمية مستقلة حول الأثر التنموي لأنشطة هذه المؤسسات والبرامج، لا في المدى المتوسط ولا المدى البعيد.

إلى اليوم، لا توجد رؤية وطنية مشتركة تستند إليها هذه المؤسسات والبرامج، بل كل منها يعمل على رأسه، وكل منها يكرر الآخر. ولا فائدة مرجوة من جهود البرامج الأخرى ومن دروسها، ولا مما وقعت فيه من أخطاء، وكل منها يتغنى بقصة نجاح ويتجاهل مقابل ذلك مائة قصة فشل.

قطاع التمويل الحكومي والخاص والأهلي الهادف إلى مكافحة البطالة والفقر، وما يندرج تحته من برامج تدريب ودراسات جدوى، فشل إلى هذا الوقت في تكوين أنوية قاعدة اجتماعية–إنتاجية وطنية؛ وهذا هو المعيار الحقيقي لتقييم نتائج هذا القطاع الذي تجاوز عمر بعض المؤسسات فيه عشرين عاما. بعض البرامج الحكومية في هذا المجال، والتي تلقت تمويلا أجنبيا، خضعت خلال السنوات الماضية لدراسات تقييم الأثر التنموي، وأثبتت هذه الدراسات فشل هذه البرامج وعدم وصولها إلى الحد الأدنى من أهدفها، لكن حكومات سابقة أصرت على استمرار هذه البرامج.

على هامش تداعيات الأزمة الاقتصادية المحلية وتنامي الفجوة التنموية، أصبحت المحافظات بيئة مغرية لنمط من المؤسسات النفعية التي يديرها أشخاص تحت يافطة "مؤسسة غير ربحية". ويعمل بعض هذه المؤسسات في قطاع تمويل المشاريع الصغيرة، بهدف الحصول على تمويل محلي أو دولي يتحول إلى قروض للفقراء والمعدمين بفوائد تبلغ ثلاثة أضعاف تلك المفروضة على قروض البنوك التجارية. وتقع الضحية في فخ هذه المصيدة نتيجة حجم الترويج والمناورة قبل البدء بإجراءات القرض، ليكتشف بعد حين حجم التضليل والقيود القانونية التي تحاصره، بينما تبرر الفوائد المضاعفة بتقاضي نسبة مرتفعة منها تحت مسميات خدمات تقدم للمشروع. هذا النمط من النوافذ التمويلية، إلى جانب أنماط أخرى من الاشتغال على التنمية المحلية، بات يدير بيئة جديدة للفساد، تمارس فسادها اليوم بكل جرأة باسم الفقراء والمعدمين، وتستثمر في المشاعر العامة الساخطة نتيجة فشل التنمية. لأن الفقراء مهمشون، ولا يتمتعون بكامل العضوية في الجماعة، ولديهم إحساس عميق بالحرمان من النفوذ والسلطة والثروة، وعدم الشعور بالمشاركة في رسم السياسات وصنع القرار، فإن الكثير من الفرضيات النظرية التي تصاغ في تفسير ظاهرة عناد الفقر وصموده تحتاج إلى مراجعة جريئة على محك وحيد، خلاصته أن مؤسسات الدولة والقطاع الخاص معا تعمل بطريقة لا تخدم الفقراء، ولا تخلق الجسور التنموية التي تمكن المجتمع من العبور السليم والمعافى من العوز والفاقة والتهميش والحرمان، وفوق ذلك كله تنافح بصرامة دفاعا عن أوهام نجاحها.(الغد)                     



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات