.دولتك.. الحزبيون أبناء هذا الوطن أيضا .
بدعوة كريمة من جبهة الإصلاح الوطني توجّهنا كأعضاء في جبهة العمل الإسلامي للمشاركة في لقاء تشكيل فرع عمان، وكعادته كان خطاب دولة الأستاذ أحمد عبيدات مرتفع السقف، صريح العبارة، كاشفا لمواطن الخلل دون تزويق أو مداراة، ولعل طروحاته هذه ومواقفه السابقة التي رفض من خلالها أن يتخلّى عن الإصلاح مقابل منصب استرضائي هو ما جعل الشعب يثق به ويبادر إلى الانضواء تحت مظلة الجبهة الوطنية التي يرأسها.
إلاّ أننا فوجئنا عند تشكيل لجنة عمان أنّ هناك قيودا مفروضة على مشاركة الأحزاب جعلتها في حدود الكوتا والأقلية، بينما أعطي المجال الأوسع للمستقلين! ولا ندري ما الحكمة من وراء ذلك؟! فالمستقلون يمثّلون أنفسهم، بينما الأحزاب تمثّل قطاعات من الشعب، ثم أليس الإصلاح الذي نبتغيه يهدف إلى النهوض بالحياة السياسية الأردنية إلى مصاف الدول الديمقراطية؟ وهذه لا تكون إلاّ بتقوية وتمكين الحياة الحزبية التي تعتمد على البرامج الوطنية، ثم أليس من تطلعات الإصلاح المستقبلية أن تصبح الحكومة الأردنية حكومة أغلبية برلمانية؟ وهل يتحقق هذا إلاّ بوجود أحزاب قوية؟! ثم ما هو الهدف من تقليل المشاركة الحزبية الفعالة في الجبهة الوطنية؟ ولماذا هذه النظرة السلبية للأحزاب، وأنّ وجودها سيؤدي إلى سيطرتها واستئثارها بالعمل؟ أليس أعضاء هذه الأحزاب مواطنون أردنيون وطنيون يحق لهم المشاركة على قدم المساواة مع غيرهم في بناء هذا الوطن؟ ولماذا يبنى نظام الجبهة من الأصل على تحجيم الوجود الحزبي فيها؟ وألا يزيد هذا من نفور الأردنيين من الأحزاب وترسيخ النظرة السلبية تجاهها وكأن لها أجندات خاصة لا تتقاطع مع أجندات المستقلين الوطنيين؟! ولو كان القانون الأساسي للجبهة الوطنية ينص على تقييد المشاركة الحزبية ألا يمكن تغييره وما زالت الجبهة في إطار التشكيل؟ ألا يمكن تغيير نظام الجبهة ونحن نطالب بتعديل دستور البلاد بما يحقق مصلحة الشعب؟!
ثم إنّ وضع العاصمة عمان يختلف عن وضع باقي المحافظات، إذ فيها تركُّز للأحزاب والحزبيين، ولعل دولتك بخبرتك السياسية والحياتية ومعرفتك لشعبنا الأردني تعلم أنّ الأردنيين ليس فيهم مستقلون بالمعنى الفعلي، فأغلبهم أصحاب فكر سياسي وانتماء وطني وعروبي وإسلامي معلن وغير معلن.
إنّي أدعو دولتك إلى مراجعة هذه الأنظمة، فالأحزاب يكفيها من يضيّق عليها، فهناك جهات مختصة لذلك وقوانين تسنّ لذلك، وكان أملنا أنّ الجبهة الوطنية للإصلاح ستكون فوق كل الاعتبارات وترسخ منظومة جديدة في التعامل مع الأحزاب.
والأحزاب بما فيها حزب جبهة العمل الإسلامي، وهو كما تعلم من أكثر الأحزاب تنظيما ونشاطا قادر على أن يسير ضمن رؤيته وخطته للإصلاح، ولكنه يؤثر أن يمد يده لكل من يرفع راية الإصلاح ويوحّد جهود أبناء الوطن الواحد في خدمة هذا الهدف الجليل، فقد يختلف الأردنيون على أشياء كثيرة، ولكن عند الوطن يقول الجميع لبّيك.
دولة الأستاذ أحمد عبيدات: نحن لسنا بحاجة إلى توصيف الواقع المرير الذي نعيشه، فكلنا يعرفه وبعضنا يذوقه كل شهر قبل نهاية الشهر عندما لا يجد في جيبه ثمن رغيف خبز يسدّ به جوعة عياله.
إنّ سقفكم العالي في الطروحات بحاجة إلى أعمال وبرامج تحوّل الكلمة إلى واقع والإصلاح التنظيري إلى حقيقة يلمسها المواطن في حياته، فلا يكون دعاة الإصلاح أيضا من الذين يسكتون الشعب بوعود فارغة لا تسدّ رمقا ولا تحفظ كرامة.
إنّ الحالة التي وصلها الإصلاح في بلدنا تكاد تقترب من خط النهاية والنفس الأخير ما لم نسارع في إنعاشه، وإنّ في إطالة الإجراءات والكلام إماتة للزخم الشعبي والروح المتوقدة، ومن كان معنا البارحة ولم يرَ تغييرا قد ينفض يديه اليوم وقد رأى أنّ الإصلاح، ككثير من أزماتنا، انتهى بفنجان قهوة وتبويس لللحى!
بعد عام من الحراك الإصلاحي الذي أفضى إلى ما نرى، لا بد لنا من مراجعة الوسائل، فما صلح للعام الماضي لن يصلح لليوم، والخطوات الحاسمة هو ما ينتظره للشعب الأردني.
الحزبيون أبناء هذا الوطن، ومعكم ومع كل جهد شريف في لجنة فرعية أو مركزية بمسمى أو بدون مسمى، فمصلحة الوطن فوق كل اعتبار(السبيل)
