قلب العالم وقلب المتوسط

لا يدقق كثيرون ومنهم بعض الاستراتيجيين الكبار, في استخدامهم وتوظيفهم لبعض المصطلحات, ومنها (قلب العالم) ويأخذ الحماس سياسيين ومفكرين عربا ويتحدثون عن قلب العالم بوصفها المنطقة العربية او الشرق العربي, كما يغيب آخرون مصطلحا آخر هو قلب المتوسط, فما هو قلب العالم وما هو قلب المتوسط, وما هي دلالات كل ذلك في الصراع الدولي والاقليمي الراهن..
قلب العالم (الهارت لاند) (الاسيو اوروبي) مصطلح جيوبوليتيكي توالى على تطويره واعادة انتاجه كل من البريطاني ماكندر والامريكي سبيكمان واعاد ستالين وبريجنسكي العمل عليه, الاول بعد الحرب الثانية بقليل, والثاني خلال الحرب الباردة..
وقد تم ربط المصطلح بين الصراع بين الامبراطوريات البرية (تركيا, روسيا, الصين) وبين الامبراطوريات البحرية (بريطانيا ثم امريكا) فمن يسيطر على قلب العالم يسيطر على العالم, من زاوية الجغرافيا السياسية والجغرافيا الاقتصادية (مناطق وطرق النفط والغاز والموارد الكبرى الاخرى).
وفيما تولى الصين اهمية خاصة لاستعادة طريق الحرير, بدلالتها المتنوعة فان ما يميز عهد الرئيس بوتين نزعته الامبراطورية الروسية لاحياء الدور الروسي فيما يخص قلب العالم.
ويحتل الساحل السوري التاريخي مع السويس اهمية خاصة في الصراع على قلب العالم وكان اول من وصف هذا الساحل مع امتداده المصري على طول سيناء بقلب المتوسط بطليموس ثم الادريسي, لاهميته في التجارة العالمية ونهوض وانهيار الامبراطوريات العالمية, فكل هذه الامبراطوريات ولدت واندثرت بين قلب البحر المتوسط وقلب العالم, وعلى حد تعبير احدهم, بين ممر خيبر في افغانستان وممرات الاورال والهضاب الشرقية للبحر المتوسط وممرات صحراء سيناء.
في ضوء ما سبق, فان متابعة وتفسير الابعاد السياسية الراهنة لما يشهده العالم برمته ليس بعيدا عن هذه الخلفية, سواء على المستوى الدولي (الصحوة الروسية والحملة الامريكية على بوتين, والصعود الصيني وطريق الحرير الجديد وتجمعات البريكس وشنغهاي.. الخ), او على الصعيدين العربي والاقليمي خاصة سورية وما تمثله من جسر بين القلبين, قلب العالم وقلب المتوسط, وبين الطريقين, طريق الحرير والنفط وطريق الغاز من بروم الروسي الى الاكتشافات الهائلة على امتداد الساحل السوري التاريخي, وهو ما يعني ان الشرق العربي اليوم امام خيارين: تسوية ملائمة لكل الاطراف او حرب عالمية ثالثة..
( العرب اليوم )