الحكومات والمعارضات في انتظار .. الأعجوبة!

يقول الصديق القادم من بروكسل: أنا مغترب منذ أكثر من خمسين عاماً، لكنني بعد تقاعدي أعيش في بلدي أكثر من ستة أشهر في العام الواحد، واستثمر هنا.. مع انني لست من أصحاب الملايين!!.
ويتابع: منذ سنوات طويلة وأنا اسمع من الحكومة عن مشروعات الطاقة البديلة: الشمس والريح. لكن شيئاً ما لم يحدث. وما تزال علاقتنا بأوروبا علاقة منح لا يوجد ما يشير إلى أن بعضها له علاقة بالطاقة المتجددة. رغم أن الحكومة متحمسة لرفع أسعار الطاقة، وخاصة الكهرباء لأن المصريين قطعوا تزويدنا بالغاز، أو لأنّ أسعار وقود توليد الكهرباء ارتفعت!!.
ويقول الصديق: أنا وضعت على سطح داري في بروكسل لواقط لحرارة الشمس، واستفيد من ذلك باستعمالات البيت من الطاقة الكهربائية. ولأنني أسافر كثيراً فإنّ الكهرباء تذهب إلى التيار العام، وتسجّل ساعة كساعة الاستهلاك من هذا التيار مقدار ما انتج سطح داري.. وأخذ ثمنه!!. وهو يكاد يغطي ما استهلكه حين أعود إلى بروكسل!!.
.. الآن عندنا علماء ينشطون في اقناع المؤسسات ومنها المستشفيات والفنادق، بتركيب لواقط حديثة توفر مجاناً مياهاً ساخنة طوال اليوم وطوال العام.. خاصة وأن الشمس حتى في أيام الشتاء تكفي لانتاج طاقة تفي بالقصد. كما انني سمعت أن أحد أبناء الطفيلة نجح في مشروعات مماثلة في الولايات المتحدة، وهو يعمل الآن على أن تكون بلده العزيزة أول مدينة تستهلك كهرباءها من الشمس!!.
الذين يريدون حل مشكلة الطاقة والغذاء وعجز الموازنة بالاعتصام أمام الرئاسة أو بالتظاهر، يستطيعون الاستمرار في «نضالهم»، والحكومات التي تتحدث عن الطاقة البديلة ولا تفعل شيئاً، تستطيع رفع الأسعار على فاتورة الكهرباء كما تشاء.. لكنها لن تحل مشكلة العجز في موازنة شركة الكهرباء، ولا تستطيع اقناع المواطن بالانتظار عشر سنوات قادمة للحصول على كهرباء رخيصة، بعد تركيب المفاعلات النووية أو مد قناة البحرين.
.. في بلدنا، الكل يتعامل بالأعاجيب: المعارضة والحراك والاعتصام والتظاهرة، تجد أعجوبة الثروة والحياة الهانئة في الشارع، والحكومات تبحث عن أعجوبة للخروج من المآزق الاقتصادية والمالية في تأجيل كل خطوة عملية تضع حصان التقدم أمام العربة، أو تنتظر «شرهة» من أشقائنا الأغنياء.
منذ اكثر من عشرين عاماً نسمع «بالكمشة» كموقع لتوليد الكهرباء من طاقة الرياح، حتى صار في عمق أعماق قناعتنا أن هناك، فعلاً، «طواحين كهرباء» كطواحين الهواء في هولندا.. واقتربت قصص الصخر الزيتي من تصوراتنا حتى كدنا نتصور أن هذا الصخر سينقذ فاتورة الطاقة المستوردة التي شارفت على ألفي مليون دينار!!.
.. العجائب المنتظرة، كالأحلام الذهبية في المنام أو في اليقظة.. كالأفيون، ككل شيء يؤجل الاقدام ويملأ القدر بطبخة الحصى!!. ( الرأي )