قضايا الفساد العابرة للحكومات متى تنتهي
بعد رحيل حكومة الخصاونة وتكليف الطراونة بتشكيل الحكومة الجديدة المتوقع إن يعلن عنها خلال الساعات القليلة المقبلة,تحوم الشكوك حول التراكمات الكامنة وراء استقالة حكومة الخصاونة,وخصوصا ما يتعلق بملفات الفساد,وهل ستقوم الحكومة الجديدة بالمضي قدما في فتح ملفات الفساد ومحاسبة الفاسدين, أم إن عملية مكافحة الفساد ستتباطأ ويتم إغلاق هذا الملف برحيل الحكومة السابقة التي لم تقدم الكثير أصلا!؟
شغل موضوع الفساد ومحاسبة الفاسدين الأوساط الشعبية للعديد من السنوات و خصوصا في الآونة الأخيرة مع الانتشار الواسع للانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي و المواقع الالكترونية الإخبارية, وبلغت الأمور أشدها حول هذا الموضوع خلال 18شهرا الأخيرة أي منذ أن بدأ ت الثورات العربية و الحراكات في الأردن.
بالطبع الفساد آفة مهلكة,ولا يختلف أثنين على مضارها وأثارها التدميرية على كيان الدولة والمجتمع, وليس بخفي عن البعض استغلال بعض الجهات الطامحة في الحكم للظرف الحالي والقيام بمحاولات التأزيم والتضخيم للأمور و العمل على نشر الإشاعات و التسريبات حول قضايا الفساد لتصوير أضرارها وتبعاتها بشكل مبالغ فيه لا يعكس الحجم الحقيقي للقضية ولا يفيد في عملية مكافحة الفساد, بل على العكس تماما فأنه يعقد الأمور أكثر.
وفي مقابل ذلك تكيل بعض الأطراف من الشارع والنخب السياسية التهم لجهات معينة بمحاولة التستر على المفسدين وخصوصا "الحيتان منهم " والعمل على تأمين المنافذ القانونية لهم مقابل حصولهم على الصفقات المجزية و الامتيازات المثيرة للجدل, هذا الأسلوب في التعامل مع أمر خطير كذلك قد يبرره البعض انه من قبيل السيطرة على الخسائر والحد منها, بعد إن تفاقمت هذه القضايا وتعقدت سبل حلها.
رغم صعوبة هذا الأمر وحساسيته للكثيرين,هنالك من يقومون بالترويج لفكرة حل الأمور بشكل سري ,عن طريق عقد الصفقات مع الفاسدين لإرجاع ما يمكن إرجاعه ممن أخذوه ظلما وبهتانا,مقابل عدم إحالتهم إلى القضاء,و يتم تبرير ذلك بتكرار حدوث أمور مشابهة في العديد من دول العالم...,وقد يكون ذلك صحيحا ولكن هذا العفو عن الفاسدين تم ضمن جو من الشفافية والعلانية واطلاع كامل للشعب بذلك الأمر,ووفق إجماع وطني على طي صفحة الماضي ,وفتح صفحة جديدة بيضاء تعكس مستقبلا مشرقا,لا إن تكون تلك الصفقات بمثابة الباب المشّرع أمام الآخرين الذين ينتظرون ما ستؤول إليه الأمور, ليقوموا بخطواتهم وان وقعوا وفتحت ملفات فسادهم وكانوا من المتطاولين في الدولة, غفر لهم ما سبق من ذنبهم وفقا للمقولة "عفا الله عما سلف ".
يبقى إن نقول إن الفساد دمار للبلاد والعباد,فبحسب تقارير المنظمات الدولية المعنية بالشفافية و الفساد فإنها تقدر حجم الفساد الموجود بالمليارات .....,على أية حال قد لا تكون الأمور بهذا السوء الذي يروج إليه البعض,رغم خطورة الأمر إذا استمر كما هو و إذا لم يعالج بشكل جذري حقيقي وفقا لإرادة صادقة ومخلصة للإصلاح,كما نتمنى للحكومة المقبلة برئاسة الطراونة إن تكون عند ثقة سيد البلاد في متابعة مسيرة الإصلاح والقضاء على الفساد, والاهم من ذلك عدم القفز بالأمور إلى الإمام للتفاقم أكثر وأكثر كما فعلت الحكومات السابقة.