الاستقلال في القرن الــ 21
في كل عام بمثل هذا اليوم 25 أيار نحتفل نحن الأردنيين بموسم قطاف حريتنا, والانفلات من شرنقة استعمار جثم على صدورنا لعقود من الزمان, وبتقادم السنين تطورت الحياة عالميا حولنا ومحلياً عندنا ً في كل المناحي سلباً آو إيجاباً , كنتيجة لتطور المفاهيم والأفكار والمعاني , منها معنى الاستقلال .
الاستقلال : هذه الكلمة التي عندما تسمعها النفس الإنسانية , تتمايل وتطـرب من وقع موجاتها الصوتية على الأذن البشرية, لما تحتويه وتعطيه لقائلها وسامعها من نشوءة وكبرياء.
الاستقلال : هي كلمة تختزل في جناباتها كل الأحداث النضالية القومية , الفردية والجمعية , للوصول والحصول عليها , تتبلور وتتجلى صورها بكل وضوح عندما يتفانى الفرد داخل المجتمع , ويصبح المجتمع كله فرد واحد ضخم , حينئذاً يأتيك هذا الشعور الملائكي يرفرف بأجنحته, يجعلك تحس بأنك كفرد أو جماعات تستطيعون أن تغيّروا الأيام , ولا تكتفون بشعوركم بأن الأيام من حولكم تتغير .
وأنتم من غيّرها, شبابها من يصنع مستقبلها.
الاستقلال : إنما هو المعنى النبيل الذي يُزين ذلك اليوم, وليس هو اليوم نفسه.
الاستقلال : يعني أن يشعر كل منا أن المجتمع وبجميع أطيافه وطبقاته في خدمته, كما أنه هو مكرس لخدمتهم بكل طاقاته وقدراته.
الاستقلال : قد يُختزل ( مع عظيم أبعاده , وكبير مساحته في الداخل الإنساني ), في لمسة حنان على رأس طفل يتيم , أو قبلة من ابن / ابنة , تطبع على يد الوالدين.
الاستقلال : يكمن ويتخندق وراء الدافعية التي تجعل الفقراء ينهضون , ليغيروا أيامهم بإنتاجهم ومن عمل أيديهم , لا كحاطب ليل , أو كالذي يرضى أن يحطب في حبل غيره.
الاستقلال : هو الوازع الداخلي الذي يجعل الغني يتفانى في خدمة الفقراء وأهل العوز, ولا يكتفي بالنظر إليهم والتحسر عليهم .
الاستقلال : هو كبسولة الإطلاق لممارسة شعورك كمسؤول , بالعمل الجاد المنتج في خدمة بلدك لا أن تكتفي بأن تشعر فقط .
الاستقلال : يأتي عندما تتشابك الأيدي وتتكاتف ما فوقها , لرفع مستوى الأداء وزيادة الإنتاج , نلبس ونأكل جماعات وأفراد من إنتاج صناعات بكافه أنواعها وأحجامها المالي والعقاري, مطبوع عليها : ( Made in Jordan وليس ...... Made in ) .
الاستقلال : يتحقق في قمته عند التحام الشعب حول قيادته, هذه القيادة التي ما خبت عزائمها منذ اللحظة الأولى لاستلام السلطات الدستورية ولغاية تاريخه, وهي حاضرة بكل أنحاء العالم في خدمة أمتها وشعبها, تشعرهم أنهم قادرون على أن يستعمروا استقلالهم وأن التغير بأيديهم .
لماذا لا نرتقي لهذا المستوى من الأداء المستقل ! ( عزيمة على التحدي, إصرار ومثابرة على الإنجاز, عدم اليأس من قلة الموارد ) أو نقترب منه على الأقل .
ألا يخجل أغنياءنا عندما يرافقون ويرون جلالته في كثير من المناسبات , وهو يتبرع لبناء مساكن وقرى للفقراء , وفيهم من يملك أموال بأرقام فلكية , تكفي لبناء مدن للفقراء وأهل الحاجة والمعونات الوطنية , وهل هؤلاء الإخوة حقا يشعرون بمعنى الاستقلال بهذا اليوم , أم أنهم ما زالوا مستعمرين من قبل الثروات التي بحوزتهم .
ماذا نقول: لمستثمر أردني بالخارج , وهو يعلم أن هناك بطالة في بلده يستطيع باستقلاله أن يساهم بجزء من حلها.!
ماذا نقول : لمسؤول همه الأكبر أين يسهر, وأين المنسف والزرب اليوم, وهو يرى ملك البلاد لا يرتاح من سفر (مع استطاعته ) لخدمة أبناء بلده وأمته.! .
ماذا نقول : لغني متكبر على عباد الله , وهو يرى رأس ألدولة يقبلهم ويحنوا عليهم.! ماذا نقول , وماذا تقول آخى القارئ؟!
وبالإجمال والتفصيل نريد لبلدنا الحبيب , رجال يحبهم ويحبونه , يكرسوا جل وقتهم في خدمته , رجال أفكارهم شابة مبدعة , متواضعين لخلق الله , رجال مستقلين يحملون الأردن, لا رجال مستعمرين يحملهم الأردن .
أخي : هذا اليوم الذي نفرح به, وتُرفع الأعلام على بيوتنا ومؤسستنا الحكومية, وحان الوقت لنا كأردنيين أن نري وطننا الشئ الجميل فينا ومنا , وهو التعاضد والتكامل فيما بيننا وبكافة اختلافاتنا حول قيادتنا أولاً , ولنعمل جميعاً كلاً ما يجب عليه, حتى يصرخ الاستقلال فينا وبأعلى صوته ينادي:
***استعمروني***
هذا مما فاض به الخاطر عن معاني تناسب هذا اليوم العظيم , وبموأزة الزمن الذي نعيش, نرجوا الله أن نستطيع وإياكم كأبناء لهذا البلد , أن نترجمه إلى واقع عملي ملموس .
وأخيرا :
كل التهنئة المستقلة من صميم قلوبنا, والورود بأنواعها من أيادينا نحن الأردنيين , نهديها لراعي الحمى, قائدنا نحو الاستقلال الأكبر, ناصر الأقصى والمقدسات الإسلامية, وولي عهده الأمين , ولجميع أخواننا وأخواتنا الأردنيين بالداخل والخارج بهذه المناسبة الخالدة, يوم الاستقلال , والى لقاء .