الاستقلال ويومه الحقيقي!

كان للشهيد المؤسس رؤيته المختلفة للتحرر والاستقلال، بعد عامين من وضع حجر الأساس للكيان الجديد بعد أن عادت سوريا الكبرى إلى الحكم العسكري الفرنسي في الشمال، والبريطاني في الجنوب، وقضى بعد ميسلون على المملكة السورية وإخراج ملكها فيصل من عاصمته دمشق!!.
كان هَمّ الملك المؤسس أن يتخلص من قيدين:
الأول: الاحتلال وهيمنة الإدارة البريطانية في فلسطين، والثاني: تخليص شرقي الأردن من وعد بلفور، وتم له ذلك بإعلان الاستقلال، واعتراف الحكومة البريطانية «باستقلال هذا القسم من المملكة العربية»، وذلك في الخطاب الذي وجهه للأردنيين في 25 أيار 1923، وبحضور ممثل بريطانيا، مندوبها السامي في فلسطين.
وحدد رحمه الله معنى استقلال الأردن الإداري:
- بالإبقاء على ارتباطها بالمملكة العربية، وتحسين علاقتها بالدولة الفرنسية ليكون للجزء الشمالي من الدولة (سوريا ولبنان) في الوضع الذي يتمكن فيه من خدمة القضية العربية المقدسة.
- ثم وهذا مهم جداً تعهده بأن «تشرع الحكومة في إعداد القانون الأساسي (الدستور) وتعديل القانون الانتخابي الموروث عن العهد العثماني «بما يوافق روح البلاد»!!.
أكثر من مرّة، نبهنا إلى أن عيد استقلالنا كان في 25 أيار عام 1923، وليس عام 1946. فذلك العام كان عام «الاستقلال الكامل» كما اسماه الملك المؤسس، وكان متوافقاً مع إعلان إمارة شرقي الأردن المملكة الأردنية الهاشمية. فصانع الدولة الأردنية ومنشؤوها له تفسيره التاريخي للحدث. فقد كان ينبه إلى الخطر الصهيوني على فلسطين والمنطقة، ويرى بعين السياسي الذكي اهتمام المنتصرين في الحرب بإقامة الدولة اليهودية، وكان يلح على الوحدة السورية، لا لأنها إعادة القرار التاريخي الذي اخذته سوريا الكبرى عام 1919، وإعادة هدف الثورة في التحرر والوحدة، وإنما لاحتواء الخطر الجديد في فلسطين، ووضعه في أصغر مساحة من الأرض المقدسة، وبأقل الأوجاع والمعاناة على شعبها!!.
وفهم المتخلفون في تعاملهم السياسي وخلقهم أن مشروع الملك عبدالله القومي هو لتوسيع مملكته، وهو الذي أوضح بكل شيء لرئيس وزراء سوريا د. ناظم القدسي لدى زيارته لعمّان:
- هذا زميلك سعيد باشا، اذهبوا واتفقوا فإن اردتموها جمهورية فلتكن، وان اردتموها ملكية فلا مانع عندي، فإنما أنا حجازي ابطحي قاتلت من أجل وحدة العرب وحريتهم قبل زمن طويل!!.
نتمنى على مؤرخينا العظام: محمد عدنان البخيت، وعلي محافظة وعقد مميز من زملائهما أن يدرسوا فكر عبدالله بن الحسين.. فهو المؤسس لهذا الكيان، وهو الشهيد الذي كرّسه بدمه. وشهد مصارع أهله في كل مكان من الوطن، فلم تلن له قناة، ولم يتراجع خطوة واحدة عن مسيرته!!.
في يوم الاستقلال نفرح لبلدنا أكثر، ونحبه أكثر، ونفهم تاريخه وحاضره ومستقبله أفضل!.(الرأي)