ماذا يعني التكريم في عيد الاستقلال?

درجت القيادة الهاشمية منذ بدايات التأسيس الأولى لهذا الحمى العربي الأردني عبر أكثر من تسعين عاماً على أن تحفل المناسبات الوطنية بتكريم كوكبة من أبناء الوطن, تعبر عن معاني التقدير لما اسهموا به من جهود مخلصة في مختلف القطاعات, حتى يكونوا أمثلة في البذل والعطاء على طريق بناء الأردن الأنموذج الذي يحترم الماضي كما ينجز في الحاضر ويخطط لآفاق المستقبل, فلا تكاد سنة تمضي إلا وتتألق فيها أسماء وجهات جديدة في سجلات الديوان الملكي العامر لتحظى بأرفع ما تصبو إليه الأنفس من أوسمة فخار أنعم بها عليهم جلالة الملك, وحرص على أن يضعها بيديه الكريمتين لتضيء صدورا عامرة بالعرفان وخافقة بمشاعر الولاء والانتماء الوطني.
ذكرى عيد الاستقلال السادس والستون التي يحييها الأردنيون هذه الأيام احتفاء باعلان المملكة الأردنية الهاشمية العزيزة في الخامس والعشرين من شهر أيار عام 1946م, تحمل معها كما هو حال ما سبقها من احتفالات وطنية رصيداً مضافاً إلى ما تحقق من انجازات تثير الفخر والاعتزاز ليظل الأردن رقماً صعباً في تفوقه على المصاعب وتجاوز ما يعترضه بإرادة لا تلين مهما عظمت التحديات, متسلحاً بحكمة قيادته من الغر الميامين من بني هاشم وعزيمة ابنائه الذين سطروا عبر أجيالهم صفحات مشرقة من النهوض الوطني والقومي والقدرة على تحمل المسؤولية بأمانة وشرف, ليحقق الوطن ما يصبو إليه على الرغم من محدودية الموارد وتبعات البعد القومي التي ظلت على الدوام هاجساً تهون في سبيله أعز التضحيات ممن ورثوا راية نهضة العرب الكبري.
صعب على من جرى تكريمهم ممن كانت لهم بصمات في الخدمة العامة والتفاني في أداء الواجب القدرة على التعبير عما يعتمل في النفوس خلال لحظات قد تختصر العمر كله, حينما يتشرفون بلقاء جلالة الملك وترتسم على ملامحهم إشراقة لم يعهدوها من قبل, ما دام انضمامهم إلى قائمة المكرمين يمثل لهم قمة المشاعر الانسانية حين يجدون أن القيادة الهاشمية كما هو حالها دوماً تتابع كل صغيرة وكبيرة ولا تغفل من مكارمها أية فئة أو أشخاص يمكن أن يميزهم الاستحقاق التكريمي.!
الفارق في احتفالات الاستقلال هذا العام أنها تشهد مرحلة تحول أخرى في تاريخ المسيرة الأردنية الهاشمية وقيادتها التي طوعت الزمن ليكون لها لا عليها, ولعل أبلغ دليل على ذلك التقاط جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين اللحظة المرحلية المواتية في أتون الربيع العربي, ليجعل منها محطة انطلاق لبرنامج وطني شامل نحو الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي, يهدف إلى ارساء المزيد من معالم الحداثة والتطوير واستلهام متغيرات العصر حتى تكون في صالح الأردن والأردنيين وبالتالي أمتهم العربية والاسلامية.
ها هي تشريعات الاصلاح الوطني بارادة ملكية سامية على أبواب التكامل في بعضها واستكمال المراحل في البعض الآخر, بعد أن تم اقرار تعديلات دستورية هي الأهم منذ صدور الدستور الأردني عام 1952م وأصبح كل من قانوني البلديات والهيئة المستقلة للانتخاب نافذين وتجري الاستعدادات اللازمة لتطبيق استحقاقاتهما, والعمل يتسارع أيضاً من أجل انجاز منظومة القوانين الأخرى ومنها الاحزاب والمحكمة الدستورية وصولاً إلى إقرار قانون انتخاب جديد يعتمد معادلة عصرية في الحياة النيابية وتمثيلها الحقيقي لمختلف أطياف الشعب الأردني, تمهيداً لانتخاب مجلس النواب القادم وفق أعلى درجات النزاهة والشفافية التي يؤكد عليها جلالة الملك حرصاً على تعميق المشاركة الشعبية في تحمل المسؤولية الوطنية..
وكل عام وأنتم بخير ( العرب اليوم )