لحكام الإداريون ومعضلة التنمية وتغير الأدوار!

تم نشره الأحد 27 أيّار / مايو 2012 10:11 صباحاً
لحكام الإداريون ومعضلة التنمية وتغير الأدوار!
د. مهند مبيضين

منذ العام 2003 حين التقى الملك الحكام الإداريين في عجلون، ودعاهم إلى ممارسة دور فاعل في التنمية المحلية، فإن شيئا فارقا لم يحدث، فما زال المحافظ يعيش في ذات السياق التقليدي الذي ورثه من زمن قديم، فالصلاحيات المعطاة غير كافية وسلطة القرار غير واضحة، والمخصصات المالية قليلة، وبالتالي يصبح الحاكم الإداري مجرد إطار سلطوي موجود كأي مدير لأي مرفق حكومي.

الناس لا زالوا يتعاملون مع المحافظ بشيء من التقدير، ربما أكثر مما تمنحه إياه تشريعات وظيفته، وبرغم كل ما جرى في الربيع الأردني من تحولات وحراك شعبي مس كل المحافظات، إلا أن دار المحافظة ظلت باقية ومعترفا بها محليا، برغم أن بعض الأزمات كان مردها أحيانا سوء إدارة من بعض الحكام المحليين، وهو ما يقضي بضرورة التدبر والتفكير بما هو أفضل. أذكر قبل نحو عام حين التقينا الملك في شهر رمضان مع مجموعة كتاب ورؤساء تحرير، كنت قد أثرت - شاركني زملاء بذلك- موضوع الحكم المحلي وتقديراته للمواقف وآلياته التي يعتمدها للحل، واليوم نحن بعد نحو عام لا نزال بعد لم نرَ آلية واضحة لتطوير الحكم المحلي وكيفية أخذ التدابير اللازمة لتوقع الأزمات أو إداراتها في المحافظات، وكيفية إعادة الدور التنموي للمحافظ.

تعيين المحافظ في الأردن، يخضع لجملة اعتبارات، لا ضابط لها، وبقاء الأمر على ما هو عليه يعني بقاء المشكلة في ذات الدائرة، في المغرب العربي يختار الحكام الإداريون بناء على التخصص والخطط التنموية، فمثلا محافظ أو والي الرباط أستاذ جامعي في هندسة العمارة، وفي مدن مغربية أخرى جيء بولاة متخصصين بتنمية المجتمعات المحلية وكانت تجاربهم ناجحة. في الأردن، تخلص الدراسات ومنها دارسة الباحث موسى الجبور في جامعة مؤتة(2008) إلى أن الحاكم الإداري يلعب دورا بارزا ومهما في عملية التنمية في الوحدة التي يدير، وذلك من خلال تذليل الصعوبات التي تعترض سير العمل و تنمية العمل بروح الفريق الواحد وتدريب العاملين في وحدات التنمية حسب الحاجات التدريبية واستغلال للموارد المتاحة في المحافظة بأفضل درجة ممكنة..الخ.

لكن للأسف ذلك حبر على ورق، أما الواقع، فالمحافظون جلهم غير متخصصين في أبواب التنمية، وإن كان هذا ليس مطلبا في اختيارهم، إلا أنهم لا يتمكنون حسب الأنظمة من اختيار فريق تنفيذي لتحقيق رؤى تنموية ومشاريع دمج وشراكة محلية، إذ تتحدد العلاقة بين الحكومة المركزية والإدارات الإقليمية والمحلية بمجموعة من القوانين والأنظمة التي شددت الرقابة على عمل هذه الإدارات، الأمر الذي انعكس على استقلالها الذاتي وجعل حريتها في ممارسة صلاحياتها الإدارية والتنموية غير كافية وغير فاعلة.

وأمام هذا الواقع تظل الإدارات المحلية تمارس صلاحيات رقابية وتقليدية، وفي نفس الوقت ضيقة ومحصورة، ويبقى من الصعب إقناع الناس بالمشاركة بأي حوار لمساهمتهم في التنمية المحلية والتخطيط لأولوياتهم ما دام الحل يأتي من عمان.

أخيرا، كي يكون المحافظ فاعلا، علينا أولا إعادة التفكير بآليات تعينهم، ثم التشديد على منح المحافظ صلاحيات مقيدة بمدة وبمشاريع، وتحسين ظروفهم المالية ومخصصاتهم، فلا يعقل أن يصرف لمحافظ محروقات بكميات محدودة مثله مثل مدير المركز الصحي ونطلب منه التواصل مع المجتمع المحلي والتفاعل معه، ومن المفترض أن يدعم القطاع الخاص في المحافظات التنمية المحلية، هذا مع تعزيز الرقابة والشفافية في الإنفاق على ما يتبرع به، ولماذا لا يدعم المحافظ عبر وحدة متخصصة في محافظته مشاريع شبابية منتجة، دون أن يلجئ الشباب للروتين الطويل وضرورة زيارة عمان لأخذ الموافقات التي يصاحبها البطء وتوليد الغضب والقهر؟ ومع كل ما قلت، لا بدّ من تدخل قريب ومباشر لإعادة الدور «لمؤسسة المحافظة» في التنمية والمحكم المحلي. ( الدستور )

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات