عذراّ يا عون ....*
يا بني ...
أعلم أنه ومنذ صرختك الأولى في هذه الدنيا أنَّ لـك وطــن...
وطن بسهوله وجباله و ذرَّات ترابه أغلى من الذهب... ومياهه ألذ من الشهد ،و هواءه يشـفي كلَّ عليـل و فيه أجمل الزهرِ و النخيل .
وأعلم يا بني أن وطنك فيه رجال ونساء يفتدونه وقيادته الغالية بالدماء و الأرواح ، يدافعون عنه من كل غادرٍ وحاقد ... وطنٌ ماضيهِ مرصَّعٌ بالأمجاد ، وفي كل مدينة وريف فيه تجد من يروي لك عن شجاعة الأباء وعزَّة الأجداد....
ولكن عذراً يا عون .... أين ذاك الوطن عنك الأن ؟
أين هو عن مستقبلك ؟
كيف سيجيبك وكل أبناء جيلك عن الفساد الذي خطف هذا المستقبل ؟
و لن تنتظر الإجابة طويلاً ....
فالوطن سيجيبك يا بني وبأسرع مما تتوقع !!!
سيقول لك أنه مثقلٌ بالديون التي جرٌت عليه الهموم الأحزان ..!!
وسيحدثك عن المسبب وهم من جنس الخفافيش ...ولا تعتقد يا بني أنهم من جاءوا أعماق الكهوف!! بل هم من بني البشر ..ومن كنا نظن أنهم من أبناء الوطن البارٌين ولكنهم ثبت أنهم العكس وأسوأ .. عاثوا بالوطن فساداً وباعوا أرضه ومؤسساته بأبخس الأثمان وقبضوا ثمن الخيانة ... و الغريب يا بني أنهم قوبلوا بالتصفيق!!! وحفظت ملفات فسادهم بقرار تشريعي ...وتجدهم ومن هم على شاكلتهم يتنقلون بين المناصب وكأنها حكراً لهم ......
وسيحدثك عمن تصدح حناجرهم كل يوم بعبارات الولاء للقيادة والإنتماء لترابه وفي الخفية ولائهم للدولار وإنتمائهم تخلوا عنه على عتبة المطار ...
وسيبقى الوطن يا "عون " يحدثك عن أوجاعه إلى أن تصرخ بصوت عالِ لتقول كفى ...كفى فالموت في الأرحام أرحم ألف مرة من هذا الواقع المرير .....
وأنا يا بني سأصرخ لك لأقول:- أمض يا ولدي في عمرك المديد بإذن الله لعل الواقع يتغير
بأيديكم أنت وأبناء جيلك....