الصحافة الاردنية منذ الاستقلال شريك حقيقي في تعزيز حضور ونماء واستقرار الوطن

المدينة نيوز - اسهمت السياسة الحكيمة للقيادة الهاشمية في دعم مسيرة الصحافة الاردنية التي بدأت مع تأسيس امارة شرق الأردن , وبقيت الصحافة شريكا حقيقيا في تعزيز حضور ونماء واستقرار الدولة بالتركيز على منجزات الوطن وإبراز مواقفه الوطنية والقومية والدولية .
وكان استقلال المملكة نقطة تحول في المسيرة الصحفية التي حققت بعد ذلك قفزات نوعية سواء على المستوى المهني او التقني أو الأداء الصحفي المميز وفق معنيين بالشأن الاعلامي.
الكاتب والصحفي الزميل طارق مصاروة قال ان الصحافة الاردنية مرت بمراحل تأثرت فيها بمستوى الحريات والديموقراطية وكانت تعبيرا عن الحالة الاردنية وبإمتياز .
واشار وزير الثقافة الاسبق الى السمات العربية الاصيلة التي كان يتصف بها المغفور له جلالة الملك عبدالله الاول طيب الله ثراه والحنكة السياسية والفكر المتقدم التي جعلت منه المهتم الاول بالصحافة والصحفيين .
وقال انه في بداية الخمسينيات من القرن الماضي اي بعد استقلال المملكة وترسيخ دعائمها ومؤسساتها وصدور دستورها انطلق عدد من الصحف الاردنية وبمستوى متميز من الحرية خاصة فيما يتعلق بسهولة الحصول على رخص الصدور , وتناولت القضايا المحلية والعربية والدولية .
وزاد : في عهد المغفور له جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه كان واضحا ايمانه الكبير بالحريات الصحفية, وكانت رؤيته " ان الحرية الصحفية قوة للدولة ورمز تقدمها ، "وفي عام 1989 استؤنفت الحياة الديموقراطية في المملكة ,فشهدت الصحافة تطورا كبيرا وأصبحت المؤسسات الصحفية شركات مساهمة عامة واعتبر ذلك أعلى تعميم ديمقراطي في الوطن العربي في ذلك الوقت .
وقال الكاتب مصاروة : ننظر دائما نحو صحافة أفضل من اجل التغيير وتحقيق ومواكبة الاصلاح المنشود الذي نتطلع اليه بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني بما يتصف به من سمات انسانية سامية وباحترام الرأي والفكر والتعبير , فجلالته يؤكد دوما أن سقف حريتنا الصحفية هو السماء .
واضاف : الا أن حرية الصحافة لا تعني الفوضى , وان التغيير والتطور ليس شيئا يقوم به أفراد بل يحتاج الى التفاعل بإيجابية من قبل الجميع .
استاذ الاعلام في جامعة اليرموك الدكتور عصام سليمان الموسى قال ان الصحافة الأردنية مرت بأربع مراحل : عهد الإمارة وكانت الصحافة أسبوعية , تخللها الصحافة المعارضة في ثلاثينيات القرن الماضي , والثانية منذ الاستقلال عام 1946 وحتى 1967 وظهور الصحافة اليومية وتأسيسها وترسيخ صدورها بين يومية وأسبوعية , والثالثة منذ بداية السبعينيات وحتى 1989 وظهور الصحافة المؤسسية , والرابعة منذ نهاية الثمانينيات وحتى الآن حيث تحولت المؤسسات الصحفية الى مؤسسات ضخمة توظف المئات ولها رأس مال جيد وانتشرت عربيا وظهر بها كتّاب مميزون واقلام مؤثرة .
واكد أن وجود الصحافة الأردنية ارتبط بتأسيس الإمارة , وكان لا بد من استخدام وسائل الاتصال الجماهيري , مبينا ان صحيفة الشرق العربي كانت تطبع من خلال المطبعة التي احضرت من القدس وكان رئيس تحريرها محمد الشريقي , وهذه هي البداية الحقيقية الأولى للصحافة في الاردن .
وقال : بعد ذلك ظهرت اربع صحف من بينها صحيفة الأردن لصاحبها خليل نصر الذي جاء من لبنان بتشجيع من الملك المؤسس واستمرت بالصدور حتى أوائل الثمانينيات حيث تعتبر الأطول عمرا في القرن الماضي في تاريخ الأردن .
واضاف : في مرحلة الإمارة كانت تصطدم نوايا المعتمد البريطاني مع تطلعات الصحفيين الوطنية والقومية , فكانت الصحف تتعرض للتوقيف أو يعاقب الصحفيون وفي الثلاثينيات ظهرت صحف الميثاق والوفاء , والجزيرة التي كانت تصدر في سورية وبتشجيع من الملك المؤسس نقلها صاحبها تيسير ظبيان إلى عمان وبقيت تصدر حتى اربعينيات القرن الماضي مبينا انه في هذه الفترة كانت الصحافة اسبوعية أو نصف اسبوعية حتى نهاية الاربعينيات .
وتحدث الموسى عن مرحلة الاستقلال حيث صدرت صحيفة النسر لصبحي القطب الذي اصدر أول صحيفة يومية كانت تنشر على صفحاتها الأولى معارك 1948 مبينا انه ومنذ عهد الملك المؤسس ظهرت وتأسست احزاب في الأردن أصدرت صحفا باسمها وكان مجلسه طيب الله ثراه مجلس أدب شجع على ظهور الصحافة الأدبية في الخمسينيات ، تلك الصحافة التي عملت على ايجاد نهضة أدبية اسهمت في نهضة الأدب العربي وتوثيق روابط التعارف والألفة والتعاون الفكري بين أدباء العرب وتسجيل تطورات الفكر العربي واتجاهاته .
وقال ان الملك المؤسس أسس الصحافة الأردنية حيث احتضن الصحفيين وكان يشجعهم ويتدخل في الإفراج عنهم إذا سجنوا من قبل سلطات الانتداب , وكان يكتب بالصحافة دون ان يذكر اسمه موضحا ان الصحافة اليومية بدأت تترسخ بعد قيام المملكة وبعد هجرة الصحافة الفلسطينية اليها سنة 1948 فانتقلت صحيفة فلسطين الى عمان في اوائل عشرينيات القرن الماضي وصدرت صحيفة الدفاع التي اوقفت عام 1967 وتم دمجها مع صحيفة المنار ومع اتحادهما ظهرت صحيفة الدستور .
وفي عهد المغفور له جلالة الملك طلال طيب الله ثراه تم وضع دستور عام 1952 وفيه المادة 15 التي نصت على حرية التعبير في حدود القانون , وبعد تسلم المغفور له جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه سلطاته الدستورية صدر اول قانون للمطبوعات عام 1953 وكان اول قانون بالمملكة يسمح بالتقاضي اذا ما وقع خلاف بين الصحفي والحكومة بحيث يكون الفصل في النزاع للقضاء , وهذا القانون ألغى قانون المطبوعات العثماني الذي صدر عام 1909 الذي بقي معمولا به مع تعديلاته حتى عام 1953.
وقال انه في ثمانينيات القرن الماضي اكتسبت الصحافة الاردنية صفة تعددية الفكرة والرأي مشيرا الى ان الصحافة دخلت مرحلة شبه ليبرالية بتقديم آراء متباينة , وأتاحت فرصة صدور قانون الأحزاب 1992 أن تصدر صحف حزبية.
ويبين انه بعد قانون المطبوعات الذي صدر العام 1993 وكان الفصل فيه للقضاء في القضايا المتعلقة بالصحافة , اعيدت عقارب الساعة الى الوراء عندما صدر عام 1997 القانون المعدل لذلك القانون حيث تم رفع مستوى العقوبات على الصحفيين , وزادت قيمة الترخيص لإصدار صحيفة الى اضعاف , اضافة الى الطلب من الصحف تعديل اوضاعها .
واشار الى انه صدر قانون المطبوعات عام 1998 والذي ما يزال العمل به وبتعديلاته وهو الذي اعطى القضاء مساحة واسعة بالحكم بالنزاعات الصحفية .
وقال الموسى ان جلالة الملك عبدالله الثاني قدم الرؤية الملكية نحو صحافة حرة شجعت ودعمت تطوير الصحافة مشيرا الى ان التعديل الاخير على الدستور اكدت فيه المادة 15 على تكريس حرية التعبير في قاعات العلم والتعليم والمنشورات العلمية .
واضاف الدكتور الموسى هناك من يفكر ان حرية التعبير هي الخروج عن النص وهذا غير صحيح وان العملية اكبر من المطالبة بالحرية بل يجب ان نكون نحن بمستوى حرية التعبير ما يستدعي النهوض بالمجتمع , والقائمين على العمل الاعلامي بان يبحثوا عن الحقيقة ووضع مصلحة الوطن نُصب أعيُنهِم .
الزميل الصحفي شفيق عبيدات قال انه ومنذ تأسيس الدولة حظيت الصحافة والصحفيون بدعم القيادة الهاشمية الحكيمة لايمانها العميق بمبادئ العدل والحرية مضيفا ان المغفور له الملك عبدالله الاول وضع اللبنة الاولى للصحافة الاردنية حيث كتب جلالته مجموعة من المقالات الافتتاحية للعدد الاول لبعض الصحف والمجلات كما كان يدعو الصحفيين الى مقره سواء في معان او في عمان للحوار والنقاش حول القضايا المطروحة على الساحة المحلية والعربية والدولية .
واوضح ان المغفور له عمل على تعزيز الجانب الثقافي في الصحافة والكتابة بها واوجد جوا ادبيا كان يثير فيه اهتمام الادباء والشعراء ويحفزهم على الكتابة والمناظرة .
وتابع: ان المغفور له الملك طلال وضع أفضل الدساتير في المنطقة آنذاك والذي أكد على الديموقراطية وحرية التعبير , أما المغفور له الحسين فخص الصحافة والصحفيين بكل الاهتمام ومنحهم من وقته وجهده الكثير , وفتح لهم ابوابه , وكان يحاورهم على امتداد فترة حكمه , وكان يؤكد على الحكومات المتعاقبة وفي كتب التكليف السامية على دعم الصحافة والاعلام والحرية في التعبير عن نبض الشارع مع الحرص على الحفاظ على انجازات الوطن ومكتسباته .
واضاف الزميل عبيدات ان بدايات حكم المغفور له الحسين تضمنت حريات واسعة للصحفيين وانتشار الصحف الحزبية وصدور اعداد كبيرة من الصحف ، وهذا مهد لزيادة عدد الاحزاب بالاردن .
وقال : ان اول حديث صحفي لجلالة الملك الحسين كان لصحيفة الجهاد في عددها الاول الصادر في القدس بتاريخ 3 اب 1953 حيث قال جلالته : يسرني ان ارى في البلاد صحافة رشيدة تبني ولا تهدم وتنقذ ولا تسف , ويجب ان يعمل الصحفي لأمته ومصلحتها .
وبين الزميل عبيدات انه وبعد تسلم جلالة الملك عبد الله الثاني سلطاته الدستورية اكد انه لا سقوف ولا حدود للحرية الصحفية إلا المسؤولية الوطنية وان جلالته يريد ان يرى سقف الحرية مرتفعا ارتفاع الراية الاردنية .
واضاف ان دور الصحافة تعزز في عهد جلالته وحصلت تطورات مهمة في مجال الحرية الصحفية خاصة الصحافة الالكترونية . ( بترا )