دواء خادش للحياء .. مرة أخرى!

منذ فترة طويلة، ربما منذ سنوات، كتبت عن الأدوية الخادشة للحياة، وأيامها كانت الظاهرة اقرب ما تكون إلى الندرة، أما الآن فقد غدت الأدوية والأعشاب والمنشطات، تملأ شاشاتنا ووسائل إعلامنا!
النائب العام المصري المستشار عبد المجيد محمود، تحرك أيامها- طبعا قبل ثورة مصر المباركة- لجميع الوقائع التي يبلّغ عنها بشأن طرح إعلانات ووسائل دعاية عن بعض الأدوية والمستحضرات الطبية التي لم تعتمد طبيا ولم تخضع للفحص من جانب الإدارات المعنية بوزارة الصحة إلى جانب انها تتضمن عبارات وصورا تخدش الحياء وتنافي الآداب العامة.
النائب العام طلب آنذاك من أعضاء النيابة العامة سرعة مباشرة التحقيقات بهذا النوع من البلاغات وتقديم مرتكبي تلك الوقائع الى المحاكمة ومتابعة تلك القضايا أمام المحاكم الجنائية والمطالبة بتوقيع اقصى العقوبات عليهم، ومرت الأيام والشهور، لنشهد استفحالا للظاهرة، وتمددا غير مسبوق!
والحقيقة أن المسألة لا تقف عند حد خدش هذه السلع للحياء ، بل ثمة ما هو أخطر من هذا ، حيث دخل إلى سوق الأدوية متاجرون بدم وحياة الناس ، عبر ترويج أدوية مقلدة ، بخاصة تلك المتعلقة بالضعف الجنسي ، المعلومات المتوافرة تقول إن تقليد الأدوية في المنطقة العربية ارتفع إلى مستويات عليا ، ووصل حدا يمكن أن يعرض معه حياة المرضى للخطر ، حيث لم يحظ تقليد الأدوية في الماضي بكثير من الاهتمام ، بسبب النظر إليه كمشكلة أثرت بشكل رئيس على الأسواق الهندية والصينية ، غير أن المشكلة انتشرت في العالم أجمع ، حتى باتت تؤثر بإطراد على حياة المرضى في منطقتنا ، ويتراوح تقليد الأدوية بين الإنتاج غير المشروع للأدوية التجارية التي تتمتع بحقوق الملكية ، وصولاً إلى إنتاج أدوية مزيفة ، ومن الملاحظ أن هذه الممارسات زادت في الآونة الأخيرة بسبب الطلب المتنامي على أدوية الضعف الجنسي تحديدا، والشيء بالشيء يذكر.. فإضافة لمخاطر هذه الأدوية الصحية والأخلاقية والتربوية ، ثمة أخطار أخرى تشكلها إعلانات ليست خادشة للحياء فقط ، بل إنها «قليلة حياء» بشكل مباشر ، وتتعدى في وقاحتها كل ما توافق عليه البشر الأسوياء ، بغض النظر عن دينهم ، لأنها تحض على إشاعة الفحشاء والتهتك بشكل مباشر ومنفر ووقح ، ففي إعلان تكرر كثيرا لإحدى شركات الاتصالات على القنوات الفضائية ، يتباهى الشاب الخاطب لإحدى الفتيات بأنه يقيم علاقات غرامية مع فتاتين في الوقت ذاته ، فضلا عن خطيبته ، دون أن تدري أي واحدة منهن عن هذه العلاقات ، وكل ذلك بسبب توافر ثلاثة خطوط خلوية عبر عرض خاص للشركة المعلنة، وقد تكررت هذه الروحية الفاسقة في غير إعلان، لكأن أصحاب القلوب الجرباء استمرأوا هذا اللون من الإعلان!
إعلانات الأدوية الخادشة للحياء تملأ الآن قنوات الفضاء، بل تمدد خدش وخرمشة تدمير الحياء إلى ما هو ابعد من ذلك، حين اطلق البعض قنوات خاصة بهز الوسط، ومصارعة النسوة، دون رقيب او حسيب، إنه طوفان من «قلة الحياء» أحسبه اشتعل فجأة بعد أن شعر أصحاب الجرباء اتساع مساحة الدين والخلق في قلوب الناس، فأصابهم الذعر، وأنّى لهم ان يهزموا ضوء النهار! ( الدستور )