رسالة قصيرة
لقد بات الاعلام سلاح فاعل في تحديد وتغيير المسارات بمختلف التوجهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية جراء تطور الوسائل والتقنيات التي جعلت من المعلومة تصل خلال دقائق معدودة للفرد وفي أي مكان على الكرة الارضية بغض النظر عن صحة ودقة المعلومة . ومن خلال ما يسمى بصفحات التواصل الاجتماعي التي وفرت الحرية الكاملة لطرح الافكار من خلال تكوين الصداقات بين الناس دون الالتفات للجنس والدين واللون .
هذه الاداة عملت على إيجاد تقاربات وتغيير مفاهيم طالت القيم والعادات , أي أن مقولة العالم أصبح قرية صغيرة قد تحققت ولكن يطرح سؤال استفهامي , ماذا حقق الاعلام العربي من الفائدة جراء ذلك ؟ وكيف تعامل ويتعامل مع ما يجري على الساحتين العربية والدولية ؟ وهل قدم الاعلام خدمات إيجابية أم سلبية ؟ .
لنعترف بداية أن الاعلام العربي كان مكرس لخدمة الانظمة العربية وبما يتوافق مع إرادتها وبالتالي كان المواطن العربي يسترق المعلومة من خارج الوطن وإذا اراد المواطن العربي أن يبدي رأيه في مجال ما وخاصة المجال السياسي كون المواطن متعطش لذلك فلا يجد سوى المصادر الخارجية وحتى على المستوى العربي ولاستمرار الخلاف العربي العربي الذي هو المتنفس الوحيد لابداء الرأي ولكن بما يخدم طرف على حساب الطرف الاخر دون الاهتمام بالمشاعر والقيم والهوية والقومية مع ادعاء كل طرف على حدة بأنه هو الوحيد الذي يمثل كل القيم , وجائت التكنولوجيا لتكشف المستور ولتفتح الافاق أمام المكبوتين والمقهورين ليعبروا وبكل قوة وقساوة عما يكتنزونه من ألام وأحقاد دفينة تجاه الانظمة العربية ولكن ربما نسوا أن ذلك كله هو عبارة عن خدمات مجانية تقدم للعدو وللناهبين لكل الثروات العربية ولكشف الحالة لدى الفرد العربي .
ومع ذلك انطلقت الثورات العربية من شمال افريقيا لتصل الى الدول العربية الاسيوية وتم الاطاحة بأنظمة كانت تحكم وثورات شعبية مستمرة تعمل على محاولة الاطاحة بالانظمة الحاكمة في دولها , هذا الامر خلق فرص من السماح بتوسيع دائرة الحريات وحتى الحرية الشخصية وباستطاعة كل فرد أن يدلوا بدلوه من خلال وسائل الاعلام والاتصال الحديثة وبما يسمى الاعلام الالكتروني الذي وللأسف الشديد بات يدخل المنازل ويتجول في أنحائها دون استئذان ليقدم المعلومات والافكار والتحليلات حول كل ما يجري على الساحات المحلية والعربية والدولية لحظة بلحظة والجميع فينا مستقبل بغض النظر عن مدى المصداقية لكل ما نقرأ ونسمع ونرى .
نعم لنعترف أننا أصبحنا نصدق كل ما يقدم لنا من وجبات اعلامية وإن نجد أنفسنا أحيانا في حيرة من ألامر وهذا سببه الظلم الناتج عن الفساد وغياب العدالة نتيجة التفرد بالسلطة من قبل الانظمة الحاكمة . ولنعود الى الدور الاعلامي الذي تكشفت سرائر البعض من القائمين عليه بأنهم يسعون أيضا للتكسب وأن هناك كعكة لابد من الحصول على جزء منها ولو كانت على حساب الوطن ومصلحة المواطن .
إذا لابد من وقفة مع الذات والعودة للتأمل والتفكير الجاد حتى نستطيع أن نتعلم كيف نحمي الاوطان ونضع حدا للفساد وأن نميز ما بين الغث والسمين , وحتى لا نخسر أنفسنا قبل أن نخسر الوطن ... .