دار تربية وتأهيل الاحداث (معان)

تم نشره السبت 18 نيسان / أبريل 2009 03:38 مساءً
رامي الحباشنة

وما تزال الرحلة مستمرة..............


مشكلة انحراف الأحداث هي مشكلة ذات أبعاد نفسية واجتماعية ترتبط بضعف التنشئة الاجتماعية وسوء التكيف الاجتماعي، ولا يمكن بحال تناول هذه المشكلة بمعزل عن السياق الاجتماعي الذي يحوي بنية المجتمع ونظمه والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية الجارية فيه.


عندما تسلم الكادر الاداري والاشرافي الجديد دفة القيادة في دار تربية وتأهيل الاحداث (معان) العام الماضي كان مصمما على احداث التغيير وكانت الجلسات المطولة والمشتركة بين مدير الدار ناصر ابو درويش مع كادره الاشرافي يوميا من اجل وضع خطة استراتيجية لاحداث نقلة نوعية كبيرة ، وكان الهم الاول والاخير هو الحدث نفسه من اجل الارتقاء به من انسان شاءت الظروف ان تأتي به الى الدار كشخص منحرف وخارج على قيم ومعايير مجتمعه الى انسان اخر يخرج من الدار فردا واعيا وعلى درجة عالية من المسؤولية كي يساهم في بناء مجتمعه وتطويره.


وقد ارتكزت مبادئ رعاية الأحداث الجانحين في دار تربية وتأهيل احداث معان على عدد من المفاهيم والنظريات ، فتنظر إلى الحدث الجانح على أنه مريض يجب علاجه لا مجرماً يتحتم عقابه، ومن ثم النظر إلى أنه ما دام أن جنوح الأحداث وانحرافهم يتعلم ويمارس فحري بحسن الخلق والسلوك القويم أن يتعلم ويمارس أيضاً وذلك من خلال التهذيب والتعليم والتقويم والتوجيه عن طريق البرامج المختلفة المقدمة داخل الدار.


تمثل التنشئة الأسرية والبيئة الطبيعية للشريحة العمرية حتي الثامنة عشرة المظلة والحضن الواقي والمنيع ضد الشوائب والملوثات البيئية المحيطة كما أن الرعاية المجتمعية العلمية والنفسية التي تلائم متطلبات هذه الشريحة العمرية تقي الفرد والأسرة من أمراض وسلبيات التدهور الاجتماعي والانحراف السلوكي والاخلاقي الذي قد يصل إلي حد الجنوح والعصيان وارتكاب الجريمة في أحيان كثيرة.


يرى مدير الدار الاستاذ ناصر ابو درويش ان رعاية الأحداث تعني بتتبع مشكلات الأحداث ومعالجة الأسباب وصيانة وحماية البيئة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والمعرفية والسياسية المحيطة بهم.


يقول ابو درويش ان التوجيه بالاغراء والترغيب ذو المرجعية العلمية لفئة الأحداث يمثل مدخلا أكثر نفعاً لتهذيب الجانحين منهم والمتجهين إلي طريق الظلام أو الجريمة ولا يلزم أن يكون حل مشاكل الأحداث بالقهر والقسر والعقوبات أو زجهم في السجون والتي قد يتعلمون منها السوء والانحراف لمخالطتهم أناس الشر من محترفي الجريمة والسلوك الضال.. فتكون النتيجة عكس ما تهوي الأنفس والنيات الحسنة الهادفة للاصلاح والنفع العام.

على هذا نحاول إعادة البناء والتأسيس لعمل اجتماعي وحديث يستوعب التجارب العربية والأجنبية مع اعطاء مساحة لتجربتنا الخاصة من منطلق إن الحدث هو ضحية لواقع اجتماعي متفكك وتقع على كاهلنا مسؤولية إعادة بنائه ودمجه بالمجتمع مرة أخرى ويشدد ابو درويش على ضرورة التواصل بين الكادر الاشرافي والاحداث وإيجاد اجتماعات ترفيهية ما يساعد على توفر الثقة فيما بينهم وإقامة اجتماعات أسبوعية بينهم ليزول عامل الخوف والتردد ولمعرفة آرائهم ومشكلاتهم وليصار لحلها لاحقا.‏


يقوم المشرف داخل الدار بدراسة حالات الجنوح للاحداث ، ويراقب سلوك الأحداث ويدرس بواعث السلوك السلبي، ويطور ويعزز السلوك الإيجابي لديه بإتباع أساليب الإرشاد والتوجيه الاجتماعي والسلوكي، يدرس الوضع الأسري للحدث يتعاون مع ذويه بهدف تطوير نمط العلاقة الأسرية، ينسق برامج التأهيل المهني للأحداث الجانحين لتمكينهم من إيجاد فرصة عمل من خلال إكسابهم مهارات قابلة للاستخدام وينمي هوايات محببة لديهم لاستثمار أوقات فراغهم يقوم بإعداد وتقديم تقارير لتقييم فعالية الإجراءات الإرشادية، يراعي تعليمات المحافظة على الأسرار الأسرية.


أصبحت اضطرابات السلوك الاجتماعي خاصة عند الاحداث مشكلة اجتماعية حقيقية تحتاج إلى كثير من البحث والدراسة والعقلانية والتأنّي والوعي والثقافة لمعالجة هذه المشكلة من خلال تضافر جهود المؤسّسات الاجتماعية والتربوية (الأسرة - المدرسة - الاصدقاء - ) لأن هذه المؤسّسات بالأساس تتحمل مسؤولية انحراف وجنوح الاحداث منذ البداية. فالأسرة المهملة التي تعاني من الأزمات والمشكلات, والمدرسة التي يسود فيها ظاهرة التعليم بالقوة والصرامة والعنف. والمجتمع الذي يمارس القمع والاضطهاد ويفرض القيود الصارمة على الاحداث . تجعلهم يشعرون بالظلم والقهر والضياع نتيجة الإحساس بفقدان الحرية والمسؤولية والقيمة الاجتماعية. فيتحول الحدث إلى شخص عدواني مشاكس يعمل على الانتقام لذاته وشخصيته المفقودة بالأساليب المنحرفة . ومعالجة مظاهر الانحراف عند الاحداث يحتاج إلى تكوين رؤيا شاملة وعميقة. وفق معايير وأسس, تستند على أصول علمية, وتحليلات علم النفس والاجتماع الحديثة, لفهم مشكلات الاحداث ومعاناتهم ومعرفة دوافعهم للانحراف. ودفعهم للالتزام بالانضباط السلوكي والقوانين والأنظمة, ومعايير القيم الاجتماعية والدينية ولتحقيق هذه الأهداف, يجب تحقيق التفاعل البنّاء مع الاحداث وكسب ثقتهم ومحبتهم, وإبعادهم عن مشاعر وأجواء العنف والخوف والقلق والتوتر والنفور والضياع . وإلا فإن أسلوب الترهيب والعقاب لا يشكل سوى حلّ آنيٍّ مؤقتٍ, يختفي ويتلاشى باختفاء مؤثراته.


أما القناعة والتجاوب الذاتي, فتشكل ضمانة لاستمرار التزام الحدث وتطوير وترسيخ دافعية الانضباط الإيجابي لديه. فيكتسب من خلالها سلوكاً جديداً, موافقاً لقيم المجتمع وأخلاقه .

نرى ان الرعاية السابقة المتمثلة بالقول (( الوقاية خير من العلاج )) وتعني بالتركيز على المرحلة العمرية للأحداث بالتوجيه والإرشاد، وعلى العوامل البيئية التي توفر مناخاً صالحاً للتربية والتنشئة والتفاعل مع المجتمع، وتغرس في نفوس الأطفال القيم والسلوك الصحيح.


ولا شك أن الرعاية السابقة تعتبر رعاية وقائية، تحاول قدر الإمكان إبعاد ورفع العوامل البيئية التي تعمل على تكوين الحدث المنحرف، أو على الأقل تقلل من آثارها.


ولا شك أن الأسرة تلعب دوراً مهماً جداً في تقليص نسبة الجريمة بين الأحداث أو تسهم في زيادة مستويات الجريمة بينهم، حيث تبين أن غياب الاستقرار الأسري أو وجود خلل في العلاقة بين الأبوين أو الطلاق وحتى اليتم تلعب جميعها دوراً في تأسيس تربة مناسبة لانحراف الناشئة ودخول عالم الإجرام.


كيف لا والأسرة أهم نواة في المجتمع ومنها ينهل الشاب والفتاة أول أبجديات السلم الاجتماعي والرؤية الصحيحة للحياة، او تتخلى عن دورها وتغرس في نفسه النظرة العدائية للمجتمع والنظر إليه من زاوية الاستغلال والحصول على المكاسب على طريقة شريعة الغاب حيث يأكل القوي الضعيف..


نشير دائما على الدور الحيوي والهام الذي تلعبه الأسرة في عملية وقاية الحدث من الانحراف ، إذ هو دور حاسم وقاطع ، وقد اوضحت الكثير من الدراسات الميدانية وجود علاقة قوية بين التصدع الأسري وجنوح الأحداث، وعليه فإن الجنوح عند الأحداث هو أول علامة لفشل الأسرة في تأدية وظيفتها الأولى والإنسانية! و المدرسة من خلال مناهجها تؤثر في حياة الحدث، على اعتبار أنها تعبير المجتمع المدروس، والمنظم، ووسيلته الناجحة لنقل تراثه الحضاري إلى أطفاله بصورة نظامية نافعة، لذا فإن فشل المدرسة في أداء مهمتها يكوّن لدى الأطفال شعوراً بالكراهية للمجتمع ككل: بأفراده، ومؤسساته، ونظمه وقوانينه، وقيمه.


و المسجد؛ وبسبب انحسار دوره الرسالي في تنمية الجوانب القيمية، والروحية عند الفرد المسلم؛ بسبب طغيان المعيار المادي والرفاهي، وتعاظم الانفلات الغريزي بواسطة وسائل الإعلام، وتوفر وقت الفراغ والبطالة، أدّى ذلك إلى التأثير المباشر والسريع على نفسية الأطفال، بحيث أصبح الوازع الداخلي ضعيفاً وأحياناً غير موجود، وبالتالي صار الانحراف أو الجنوح أمراً ممكناً وسهلاً ومتقبلاً من النفس الأمّارة بالسوء.


لذا علينا جميعاً أن نركز على أهمية التربية بتضافر جهود الأسرة ، والمدرسة، ودور العبادة في تهيئة الظروف المواتية التي تسمح للطفل بأن يتلقى أكبر قسط من العناية كي ينمو وقد اكتمل لديه التوازن العاطفي، والنفسي؛ الذي يخلق لديه مناعة ضد مركبات النقص، والأمراض النفسية المهددة لكيانه ومستقبله.


لقد بيّنت كثير من الدراسات المتخصصة ضرورة أن يحظى كل حدث جانح بالإصلاح الملائم لانحرافه، وذلك عن طريق المؤسسة الإصلاحية المعنية، كما أثبتت الدراسات والبحوث في معظم دول العالم أن الجانح اليوم هو ذاته مجرم الغد إن لم نتدارك إصلاحه وتهذيبه، ولا شك أن فئة الأحداث بحاجة إلى الرعاية والإصلاح، أكثر من حاجتها إلى الردع والتنكيل، وهذه نطلق عليها الرعاية اللاحقة، أي الرعاية التي تتم بعد رجوع الحدث الجانح إلى بيئته الطبيعية؛ بمتابعته متابعة منظمة وحثيثة وفي هذا المجال عملت الدار على متابعة العديد من الحالات الموجودة داخل الدار حيث تبين ان العديد من اسر الاحداث الموجودين داخل الدار يعانون من عدم توفر الوارد المادي .
يقوم الكادر الاشرافي داخل الدار بدورات التأهيل والمحاضرات التربوية التوعوية ، وتوعيتهم بأضرار اتخاذ مثل هذه المسالك عليهم وعلى المجتمع، ايمانا منا على مدى فاعلية البيئة التعليمية على الحدث من الناحية الوظيفية والعقلية والانفعالية .


وقد فرت دار تربية وتأهيل الاحداث في معان الخدمات والمرافق الانسانية المناسبة للحياة الكريمة حتي لا تتولد لدي الحدث عوامل الحقد والكراهية والنفور من المجتمع وكما نعلم فهذه الفئة هي البداية لفئة الشباب المكون الرئيسي. للمجتمع والذين يمثلون مستقبله وحملة نهضته وقيادته مستقبلاً.


كما عملت على توفير الأماكن الترفيهية والثقافية وعلوم الكمبيوتر ورفع المهارات وتطوير القدرات الذهنية والفكرية لفئة الأحداث وكذلك توفير المهارات الرياضية وتوفير الملاعب وغيرها من عناصر التغيير الاداري والتوجيه الاغرائي الجاذب نحو تغيير المعتقدات والسلوك المنحرف لهذه الفئة كل ذلك يساعد في تحجيم الانحراف وإعادة هذه الفئة بسلوكيات وافكار جديدة وحديثة إلي المجتمع بروح متفائلة ونية صافية ومقتنعة بالتغيير إلي الافضل وهو الهدف النبيل والسامي.
المكتب الاعلامي لدار تربية وتأهيل الاحداث (معان)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات