مقاضاة مجلس التعليم العالي والحكومة على خلفية تعيين رؤساء الجامعات الأخيرة
المدينة نيوز - الأستاذ الدكتور أنيس خصاونة - : قامت الحكومة في الأسبوع الماضي بتعيين رئيسين لجامعتين رسميتين بعد أن تم الإعلان عن فتح باب الترشيح والتنافس لملئ هذين الشاغرين الرفيعين. تدعي وزارة التعليم العالي بأنه تم استقبال الطلبات والبالغة ستون طلبا وتم تشكيل لجنة قامت بمراجعة الطلبات والتنسيب لمجلس التعليم العالي بالأسماء التي كان من المفروض أن تكون الأكثر ملائمة للمواقع المعلن عنها. نسب مجلس التعليم العالي بعشرة أسماء خمسة لكل جامعة وقام رئيس الوزراء باختيار الزميلين الكريمين الذي رغب بتعيينهما .أحد الزميلين كان يعمل رئيسا لجامعة آل البيت التي كان رئيس الوزراء رئيسا لمجلس أمنائها وأصبحت تربطه ربما علاقة شخصية معه، أما الزميل الآخر فيبدوا أنه جاء نتيجة لضغوط ومساومات نيابية وأمنية معينة.
السؤال الذي يطرحه أعضاء هيأة التدريس الستون المتضررون الذين تقدموا بطلباتهم على ضوء الإعلان المضحك الذي تمخضت عنه قريحة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لتجميل صورة أداء الوزارة وحياديتها ونزاهتها المزعومة هو لماذا فتحت الحكومة هذا الباب على نفسها وكأنها تحتاج لمزيد من الأزمات والمشكلات في حين أن تعيين رؤساء الجامعات معروف ومألوف أنه قرار حكومي لا يستند لا للكفاءة ولا للجدارة وإنما لاعتبارات ضغوط ومحسوبيات ومساومات نيابية وضغوط عشائرية متوجه بخلاصات أمنية يتم الأخذ بها وبشكل يبدوا أنه قدرا واقعا أو أمرا ربانيا لا يمكن مخالفته! لماذا لم تقوم اللجنة المكلفة بمراجعة الطلبات أو حتى مجلس التعليم العالي بمقابلة أصحاب الطلبات العشرة التي تم فرزها وتصفيتها ؟وهل هناك أكبر وأهم من موقع رئيس جامعة رسمية يستأهل أن يتم الحديث مع المتقدم له ومناقشته حول رؤيته وتصوره لتطوير الجامعة ومستقبلها وكيفية التعامل مع قضايا مهمة تواجه جامعة البلقاء التطبيقية على سبيل المثال مثال قضية العف الطلابي والشغب الجامعي والذي أصبح ظاهرة لا يمكن السكوت عليها؟وماذا عن قضايا كليات المجتمع المهملة وتراجع دورها في التعليم المهني وتجميد أو إلغاء تخصصات الدبلوم والتوسع في تخصصات البكالوريوس والدراسات العليا لدرجة أصبحت كل كلية عبارة عن جامعة مستقلة ودون توفر الرتب العلمية والمؤهلات المطلوبة لتنفيذ هذه البرامج؟أين دور رؤساء مجالس الأمناء في اختيار رؤساء الجامعات وهل هم ديكور فقط وكأن الأمر لا يعنيهم؟ أعضاء هيئة التدريس يسكنهم السخط والاستهجان لما آلت إليه أمور تعيين رؤساء الجامعات من عدم جدية واستهتار بمشاعر وحقوق الكوادر الأكاديمية العاملة في الجامعات وتوقها للإصلاح السياسي الذي يصعب أن يتأتى في ظل إهمال وتجاهل متعمد لقطاع ضخم ونخبة تعتبر من أكثر فئات المجتمع علما وتنويرا؟أعضاء مجلس التعليم العالي الذين تحدثنا معهم بدوا وكأنهم لا يعلمون شيئا ولا يعلمون كيف ولماذا يقوم رئيس الوزراء بإبداء رغبته بالزميلين الذين وقع عليهما الاختيار وبقوله "أنا هذول الاثنين يعجبونني ". هل هذا معقول أن يحصل في خضم الربيع الأردني المطالب بالإصلاح؟ وهل الأمور مقاسه على ما يعجب رئيس الوزراء أو لا يعجبه؟وأين نتائج الإعلان، والمفاضلة، والنقاط والعلامات التي حصل عليها المتقدمين؟ولا أعلم كيف أن معظم الوظائف الحكومية وحسب تشريعات وأنظمة الخدمة المدنية النافذة أصبحت تتطلب مقابلة للأشخاص المتقدمين للوظيفة في حين أن وظيفة رئيس جامعة لا تستأهل مثل هكذا مقابلة.
أعضاء هيئة التدريس المتضررين الذي يجهزون أنفسهم للتقدم بدعوى قضائية تطعن في قرارات الحكومة ومجلس التعليم العالي لعدم التقيد بنتائج الإعلان عن الوظائف المشار إليها لديهم كل الحق في مقاضاة هذه القرارات والطعن بعدم شرعيتها وتجاوزها لمتطلبات الإعلان وعدم الالتزام بأصوله ونحن ندعم هذا الدعوى القضائية ونأمل في وضع حد لتجاوزات الحكومات واستهتارها بقوانين وأنظمة التعليم العالي التي تنظم كيفية وأسلوب تعيين رؤساء الجامعات. صحيح أن رئيس الوزراء يحمل درجة الدكتوراه ولكنه لم تكن القرارات المتصلة بتعيين رؤساء الجامعتين أكاديمية ولا حتى سياسية تنسجم مع تطلعات العاملين في الجامعات والمواطنين الذين يصبون إلى الشفافية والعدالة في شتى مناحي أجهزة الإدارة في الدولة ومؤسساتها المختلفة.
موقع رئيس جامعة رسمية في الأردن أصبح موقع بيروقراطي خاضع لأهواء ورغبات المسؤولين في الحكومة وأجهزتها المختلفة وأصبح هذا الموقع محل مساومة من نائب هنا وعين هناك ويخضع لألاعيب السياسة ودهلزاتها ونفاقها وقد كنا نظن مخطئين لفترة طويلة أن العطب في مؤسسات التعليم العالي لم يصل إلى هذا الحد المؤسف .الدعوى القضائية التي سيتولاها نخبة من المحامين الضليعين ستشكل سابقة في حال نجاحها في إبطال قرارات حكومية متعجلة ،مزاجية، ومخالفة لقوانين التعليم العالي ولأصول التنافس والإعلان الذي قامت به وزارة التعليم العالي و نأمل بأن يشكل هذا الإعلان الصوري حجة على الحكومة وأن نتائج هذه الدعوى ستكون سابقة قضائية أولى في إبطال قرارات حكومية بتعيين رؤساء الجامعات الرسمية في المملكة.