نحو مجتمع مدني

كنت محتارا وأفكر كثيرا في الطفولة المفترضة للزعماء ، وقد تناقصت هذه الحيرة بعد أن وصلتني على الإيميل مجموعة كبيرة من الصور لعدد من القادة والزعماء والكبار من الماضي والحاضر، تظهرهم أطفالا ثم شبابا ثم رجالا ثم شيوخا لبعضهم. وبرغم معرفتي للنتائج منطقيا، الا أنني لم استطع منع نفسي من الاندهاش وأن أشاهد هؤلاء الأطفال المفعمين بالبراءة، وهم يتحولون شبابا فيفقدون شيئا من براءتهم ثم رجالا تنظر اليهم فلا تصدق أنهم هؤلاء الذي يبعدون 3 سنتمترات عن آخر صورة.
هذا هو الواقع ، وهذه هي الحقيقة ، يؤلد الناس اطفالا يحبون من حولهم، ثم تتناقض المصالح وتتداخل ، فينفصل اولا الذكور عن الإناث، حيث يتحول الذكور الى قامعين مثل آبائهم ، وتتحول الفتيات الى مقموعات مثل أمهاتهن ، لكنهن يعوضن عن ذلك بالكثير من الدهاء والذكاء الذي يجبر الرجل على ان يفعل ما تريد المرأة دون أن يدرك ذلك .....لكن إطار القمع العام يحيط بها من الجهات الست، مهما حققت المرأة من انتصارات جانبية، لذلك فمعركتها مزدوجة ودائمة، حتى تحقيق المساواة.
ثم يفرز الذكور قادتهم، فتزداد النظرات حدة ، وتزداد القلوب قساوة، ويصبح مشروع القائد مثل الطير الجارح الذي يريد افتراس أي شيء أمامه. ويصير العراك قضية حياة أو موت، ولا يوجد أنصاف حلول الا عند القليلين ، ولا محبة الا عند الأقل.
ثم تأتي الأموال المطلقة التي تفرز السلطة المطلقة ، ويتحول القادة الى وحوش تفترس من الجهات الأربع ، ترشي من تحتاج وترمي الفتات على من تريد، ومن يقف حجر عثرة في طريقها تقضي عليه ، ولا تعدم المبررات ،؟ قد تكون الخيانة الوطنية أو قد تغتاله وتمشي في جنازته وتلقى كلمات رائعة في حفل التِأبين.
ببساطة شديدة: السلطة المطلقة تؤدي الى مفسدة مطلقة ، وكل طفل بريء هو مشروع قاتل وفاسد اذا لم تردعه القوانين، وكل واحد منا -بلا استثناء- يعشعش بداخلة مشروع قاتل وفاسد ومجرم، وهو يستعد للخروج في اي لحظة اذا سمحت الأحوال.
ببساطة : المجتمع المدني والدساتير والقوانين هي التي تجبر الإنسان على أن يظل انسانا. ( الدستور )