الزميل كعوش يصدر بيانا بعد استقالته من العرب اليوم ( نص البيان )
المدينة نيوز - أصدر الزميل محمد كعوش رئيس تحرير العرب اليوم المستقيل بيانا وجهه الى أصدقائه في الوسط الصحفي وقرائه وتاليا نص البيان:
عندما غادرت مبنى الجريدة غمرني فرح طاريء وايقنت انني لست نادما على شيء, وتذكرت محمود درويش حين قال: "ما اشد سعادة المرء حين لا يودع احدا, ولا ينتظر احدا "..
لقد اتت اللحظة التي انتظرتها خمسين عاما, لذلك شعرت بالسلام مع النفس, بعدما تعبت من توفير الكتابة واختزان الافكار , كما تعبت من حصار الوقت ورغيف الخبز وخطر الجفاف.
لا احد يستطيع ردع القلب المتحفز للعطاء بمزيد من العشق والورد والكلمات. لذلك استطيع الاعلان ان سهل الكلمات والجمال ينفتح امامي حتى الافق, وان لدي ما اقول ولدي ما يستحق الكتابة والحياة, وخصوصا انني اتمتع بصحة جيدة وما زال لدي القدرة على العطاء. لذلك بدأت ابحث عن طريق جديد غني بالدهشة يشغلني منذ بعيد ولم اسكله بعد.
لقد غافلني الزمن فنهشت عقارب الوقت من جسد العمر الكثير حتى كبرت بلا انتباه, فقررت العودة الى اول الكلام ولول الطريق في عزلة كنت احتاجها كي اقول ما احب ان اقول واكون ما احب ان اكون, بعدما قلت كل شيء وكتبت كل شيء الا الذي اردت ان اقوله واكتبه لان هناك فرقا كبيرا بين الخاص والعام لذلك انا اغبط الشعراء والروائيين والفنانين التشكيليين المبدعين.
اغلقت الهاتف, وغادرت الجريدة واسدلت الستار على مرحلة امتدت خمسين عاما كنت فيها عاشقا للمهنة متعبدا في محرابها, كما كنت المحب لزملائي تعاملت مع الجميع وفي كل زمان ومكان بفروسية وانسانية مفرطة تختلف تماما عن القيم السائدة التي افتقرت الى القيم الانسانية الحقيقية الصادقة البعيدة عن المصالح والاقنعة.
في بعض المواقع شعرت بغربة قاتلة وعزلة قاتمة لان البعض فيها يحس ان التعامل المهني الواضح الشفاف تحت سقف المحبة وفي اطار العلاقات الاجتماعية الانسانية بمثابة الطقس الغريب في عالم خال من البراءة والفروسية.
اعترف انني وصلت الى الجدار وضاق الامام واقترب الماضي يحمل ما بقي من العمر, لذلك تسلحت بالاصرار وقررت حمل كل الوقت الى ساحة ابداع متجددة غنية بحرية التفكير والخيال دون الرضوخ لارادة الوقت وحصار الكلمات, تحملني اجنحة الروح التي لا تنكسر ويحميني هذا المخزون من الانسانية والمحبة وهو كل ما كسبت في حياتي...ولن اقول وداعا لان الطيبين معي دائما...