إنهم يمزقون القلب
الأيتام ذوو حالة خاصة تجعل قلبي ينفطر ممزقاً لحالتهم الخاصة , فهو فاقد لحنان من نوع خاص لا يمنحه إياه الا من أنجبه ,أو لربما لو كان موجودا ستكون حالته النفسية والمعنوية أفضل بكثير لانه يشعر بوجود السند العاطفي والداعم الحقيقي وبعاطفة لا شك فيها من قبل المُنجب المُحبّ الذي يعيش لأجل ولده ويكدّ , ليشبَّ وينشأَ متقدماً بين أقرانه.
كثير ممن فقدوا الآباء ويمتلكون قدرات فائقة لم يحققوا كل أمانيهم لأن الوالد او الوالدة رمز العطاء الاول بين البشر والدعم الاكبر لهذه القدرات غائب, ولأن من تقلد مهمة الكفالة لم يقم بدوره على اكمل وجه,هؤلاء الكافلون يحفظون الحديث الذي اخرجه البخاري : "انا وكافل اليتيم في الجنة هكذا " وأشار بالسبابة والوسطى ويعتبر بعضهم انه سيكون رفيق النبي عليه الصلاة والسلام لمجرد قيامه بجزء بسيط من الدور , الكفالة تعني القيام بالدور كله على صعيد الافراد كالاقارب أو على صعيد المؤسسات الرسمية كدور رعاية الأيتام, فتعني الكفالة الحفاظ على مشاعره , وتعني تنمية قدراته والعناية بها ليعتمد على نفسه بالمستقبل,والحفاظ على ماله وعدم استغلاله وأكله بهتاناً, وتعني الاهتمام بالعاطفة التي يحتاجها طفل يتيم يُمزّق القلب كلما نظرتَ الى براءته الغامرة في نومه العميق وهو لا يدري (وخصوصا اذا كان من ابناء المرحلة الاولى في الطفولة ) أنه يعيش في عالم لا أم له فيه أو أب أو ربما لا أحد منهما معاً, هو يحتاج تطبيق قوله تعالى : "فأما اليتيم فلاتقهر "الضحى 9 لأن قهر ضلع قاصر لا أب له يحميه ويدافع عن فلذة كبده التي تركها لشخص ما أمانة يرعاها هو من النذالة ومن الامور التي تغضب وجه الرب ,كيف لا وهو (جل جلاله )من أوصى بحمل الامانة ابتداءاً من أمانة حمل الدين مروراً بكل ما أوكلك الله به لتقوم به ,(((فاذا اردت ان تعرف عند الله مقامك فانظر فيم اقامك))) فاذا اوكل اليك حمل امانة الدفاع عن يتيم من وحش الدنيا وصعوباتها عليه , فاعلم بانك صاحب مرتبة عند ربك فافرح ولا تنظر للأمر أنه عبءٌ عليك ,واعلم انّ من يدُعُّ اليتيم هو ممن يكذب بالدين وهذا ضرب من الكفر لانه يكذب ويرفض حكم الله عز وجل بابعاد اليتيم عن حقه وظلمه في قوله تعالى : "أرأيت الذي يكذب بالدين ,فذلك الذي يدع اليتيم ".الماعون1و2.
لذا فلنخفف من قساوة قلب المجتمع عليهم ,فالبعض يستغل أطفال اليُتم لاستخدامهم فيما يسمى اليوم بعمالة الاطفال, والآخر يأكل حقهم ,وهذا يهملهم ,ولنتوقف مع القياس في حديث النبي صلى الله عليه وسلم المتفق على صحته ورواه ابو هريرة: "الساعي على الارملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله " فالعلة هنا الضعف لدى الارملة والمسكين واشترك معهما في العلة نفسها ضعف اليتيم فمن قام على رعاية اليتيم والسعي على شؤونه ومصالحه فهو كالمجاهد.
ولتكن الرحمة عنوانا في تعاملنا معهم ,فكلنا يعي ويعرف مدى حاجتهم لمن يخاف الله حق الخوف ويرحمهم , فرحمة من في الارض توجب رحمة السماء , ونحن نرى ما نرى من فساد في المجتمع وتسلط ممن يدير شؤوننا العامة وهذا بسبب غياب الرحمة في تعاملنا واكل حقوق وتسلط بشع لايتام قد يكونوا صغارا لا حول لهم ولاقوة او قد يكونوا قد كبروا وتعقدت نفسيتهم وانهارت مشاعرهم بسبب ظالم لهم في صغرهم أنشأهم على الذل ليبقوا يمزقوا قلب كل رحيم أو يقطعوا اوصال ومشاعر كل رؤوف قد يقف مكبول الايدي كلما نظر اليهم لا يستطيع ان يقدم لهم شيئا الا ان ينتظر (الكافل) ليخاف الله ويعطي صاحب الحق حقه ,او يتمزق(الكافل نفسه) إرباً لتُفرج على ذاك اليتيم...