مخمسة!

تم نشره الجمعة 08 حزيران / يونيو 2012 12:31 صباحاً
مخمسة!
حلمي الأسمر

 
في زمن مضى، منذ عقود على الأقل، أذكر صديقا أكل الدهر عليه خبزا ناشفا، كان يطلب منا أعني زملاءه في وكالة الأنباء الأردنية «مخمسة» بين الحين والآخر، والمخمسة لمن لا يعرفها، تلك الورقة الحمراء من فئة الخمسة دنانير، وكانت المخمسة آنذاك ذات قيمة عالية جدا، راتبي الأساسي مثلا، كان عشرة أوراق منها، وكنت -أيامها- أدخر من هذه المخمسات ما يكفي لبعض الرفاهية، ولربما أسعفني الشهر كي أقرض صديقي مخمسة أخرى!.

ومرت الأيام وتضاءل حجم المخمسة حتى كاد لا يفي بوجبة حمص وفول وفلافل لخمسة أشخاص، خاصة إذا انحرف ذوقنا فقادنا إلى مطعم فول وفلافل مصنف على أنه «سياحي» حينها طبعا لا تكفي المخمسة لسندويشات فلافل، يغلفها عمال المطعم السياحي على نحو «فاخر» بورق جميل، ولكن هذه الرفاهية المشهدية تستهلك المخمسة وأباها!.

حديث المخمسات يجرني تلقائيا إلى زمن غابر، حينما كان مصروفي اليومي «تعريفة» أي نصف قرش، هذه القطعة من النقود لم تعد موجودة كما يبدو، فقد تضاءلت قوتها الشرائية حتى اختفت، وحل محلها القرش الجديد، وهو بحجمها، وما لبث هو الآخر، وبقيية القطع الحمراء أن غدت بلا قيمة، حتى أنك حينما تراها في الطريق لا تكلف نفسك عناء مد يدك لالتقاطها!.

مخمستي المعدنية، أقصد التعريفة، المكونة من خمسة فلسات، كانت تمكنني من شراء خمس حبات فلافل، وكانت حبات الفلافل أيامها «بصحتها» يعني منتفخة وناصحة وكبيرة، حتى أنها كانت تكفيني يوما كاملا، بل تزيد عن حاجتي كثيرا، وتمكني من المشاركة مع زملاء في ملء معدنا، وبحسبة بسيطة، كانت خمس تعريفات، أي قرشين ونصف القرش تكفي لإطعام عائلة من الفلافل، مع شيء من البندورة والخيار، وكفى الله المؤمنين شر الجوع!.

طيب!.

المخمسة المعدنية، كانت فيما مضى تكافىء وتساوي هذه المخمسة الورقية، وحسب قانون النسبة والتناسب، علينا أن نمتلك حاسبة شديدة التطور لقياس مدى ما أصابنا من تغير، منذ زمن التعريفة المعدنية، ذات الخمسة فلسات، وصولا إلى المخمسة الورقية ذات الخمسة دنانير.

ترى.. هل يمكن أن نقول مثلا بجرأة، وربما قليل من العسف، أن الفلس كان فيما مضى يساوي الدينار شرائيا؟.

لا أدري، هذا سؤال صعب جدا، ويحتاج إلى اقتصاديين متخصصين للإجابة عنه، ولكن إذا كانت الإجابة بنعم، لا سمح الله، فتخيلوا حجم «النمو» في الأسعار، والتآكل في العملة، ورغم كل هذا، لم نزل نرى ارتفاع الأسعار أكثر واكثر، إلى أين سنصل؟ هل يغدو راتبي الأساسي فيما مضى، والمكون من بضع مخمسات حمراء ورقية، لا يساوي غير مخمسة معدنية، أعني تعريفة، ذات خمسة فلسات؟.

( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات