ذوي الاحتياجات الخاصة والحجاب الحاجز
الاعاقة ليست شيء مخجل او وصمة عار فكم من مشاهير وعظماء تمكنوا بفضل صبرهم ومثابرتهم واجتهادهم ان يصلوا للقمة واصبحوا اعلاما مميزين يشهد لهم التاريخ بذلك امثال بتهوفن الذي كان أصم ولكن اعاقته لم تكن عائقا له في تجاوز الحواجز والصعوبات واستطاع تأليف تسع سمفونيات وخمس مقطوعات موسيقية ويرجع له الفضل في تطوير الموسيقى الكلاسيكية ونجح في تقديم اول حفلة موسيقية وعمره ثماني سنوات وما زالت اعماله الى يومنا هذا تدرس في معاهد الفنون الجميلة والجامعات ونمط آخر في تجاوز حاجز الاعاقة النابغة طه حسين وهو أديب وناقد مصري وقد لقب بعميد الادب العربي الذي فقد بصره وعمره ثلاث سنوات وقد شغل عدة مناصب حكومية وكان له مؤلفات كثيرة ولم تمنعه اعاقته من اكمال مشواره واصبح اسمه لامعا وكذلك الشيخ ياسين رحمه الله أمير الشهداء تعرض لحادث في شبابه اثتاء ممارسته للرياضة واصيب في شلل في جميع اطرافه ولكن لم تمنعه اعاقته من ممارسة حياته اليومية ولم يضعف او يستسلم فقد كان قائد الانتفاضة الكبرى في عام 1987 ثم اصبح شيخ انتفاضة الاقصى الكبرى, وبالاضافة لشلله كان يعاني من امراض عديدة منها فقدان البصر في العين اليمنى بعد ضربه عليها اثناء التحقيق وضعف شديد في قوة الابصار في العين اليسرى بالاضافة الى امراض والتهابات باطنية.شغل عدة مناصب واهمها رئيسا للمجمع الاسلامي في غزة وكانت اسرائيل تعتبره العدو الاول لها واستشهد عندما استهدفه العدو باطلاق صاروخ على مبنى سكني كان يتواجد فيه.ولو عدنا قليلا للوراء وتحديدا لعهد الرسول العظيم محمد بن عبد مناف فقد كان ابو طالب عم الرسول من الخطباء والشعراء وكان أعرج ومع ذلك كان له دور كبير في مساندة النبي في اوائل دعوته.
وهذا عبد الرحمن بن عوف أسلم على يد الرسول وكان من الثمانية الأوائل في اعتناق الاسلام وقد شارك في غزوة أحد واصيب بعشرين جرح وأصابه عرج وسقطت بعض اسنانه مما ترك اثرا في نطقه وكلامه.ولو ذهبنا لأبعد بقعة في العالم حيث ان اول رئيس امريكي ينجح في ثلاث ولايات رئيسية رغم اصابته بشلل الاطفال ولكن فقط بفضل الشجاعة والمثابرة التي كان يتمتع بهما حقق طموحاته وفاز بالرئاسة.هناك عدة انواع من الاعاقات حسية ونفسية وحركية .كلنا درسنا عن بتهوفن وطه حسين وابو العلاء المعري وغيرهم الكثيروهؤلاء كانوا من ذوي الاحتياجات الخاصة واعاقتهم كانت حافز لهم للابداع والتميز بل ودفعتهم للجد والمثابرة والصبر وبقيت اسهاماتهم خالدة على مر العصور.
واليوم نشعر بالاسى عندما نجد في مجتمعاتنا العربية هذه النظرة التعسفية للمعاقين ونظرة الشفقة هذه النظرة القاسية جدا والتي تؤثر على نفسية ذوي الاحتياجات الخاصة والمعاق انسان له طموح ولديه احساس كسائر البشر ولكن المجتمع بات ضده فتجد بعض المدارس ترفض استقبال هذه الفئة ودمجها مع الطلاب الاصحاء واذا اكمل المعاق دراسته الجامعية فان سوق العمل يرفض توظيفه نظرا لحالته ولكن صدقوني انه لو اتيحت لذوي الاحتياجات الخاصة الفرصة وفتحت لهم الابواب على مصراعيها ومدت لهم يد العون فكفاءتهم تضاهي الناس الاصحاء.الى متى سنظل رجعيين في تفكيرنا؟متى سيرتقي تفكيرنا ونتخلص من الافكار والتقاليد الاجتماعية الموروثة.كثير من الأسر في مجتمعاتنا يحاولون اخفاء المعاق في غرفة معزولة ولا يسمحوا له بمقابلة الزوار واذا تقدم عريس لهذه العائلة لخطبة ابنتهم يخفون عنه ان عندهم ابن معاق خوفا من هروب العريس.لماذا نخجل من المعاقين ونحن نعلم ان هذا ابتلاء من رب العالمين ولا يجوز الاعتراض على حكم الله قال الرسول صلى الله عليه وسلم(اذا احب الله عبدا ابتلاه).
كيف دمج الاسلام المعاقين في المجتمع؟ ولى الرسول ابن مكتوم على المدينة عندما خرج لاحدى غزواته وقد حذر الاسلام من ازدراء المعاقين او احتقارهم(يا ايها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم) وهناك نماذج اسهمت في الحضارة الاسلامية منهم الاحنف بن قيس لم يمنعه العرج في رجليه من ان يقود الجيش في معركة صفين وكان النصر حليفه وهذا موسى بن نصير لم يمنعه العرج من فتح الاندلس.الزمخشري كان له رجل واحدة وهو امام كبير في التفسير والحديث والنحو واللغة وعلم البيان.كان الفراعنة يقتلون الاطفال المعاقين ولكن مع مرور الزمن نجحوا في اختراع العقاقير الطبية وكان ارسطو يرى ان الصم لا يمكن تعليمهم وها نحن اليوم نستطيع مخاطبة الصم بلغة الاشارة.اما افلاطون فقد أمر باخراج المعاقين من مدينته الفاضلة لانهم يعوقون تقدم وازدهار هذه المدينة.واما القانون الانجليزي القديم فقد حرم المئات من المعاقين من الحقوق والواجبات.ولما جاء الاسلام اهتم بكل فئات المجتمع واعطى اهتمام كبير للضعفاء والمساكين وامر بالرفق بهم قال تعالى(ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج)التوبة 91. وقد عاتب الله عز وجل سيدنا محمد بسبب موقفه من ابن مكتوم حيث حضر ليجلس مع الرسول كما تعود فأعرض عنه رسول الله بسبب دعوته كفار مكة وبالطبع لم يرى ابن مكتوم ما فعله الرسول لانه اعمى فجاء عتاب الله لنبيه( عبس وتولى ان جاءه الاعمى).
آن الاوان ان نمد يد العون لذوي الاحتياجات الخاصة ونعمل على اعتبارهم جزء اساسي من المجتمع ونحطم القيود والحواجز التي تشكل عائقا امام نجاحهم لانهم يستحقون منا الحب والتقدير.