كرامة الشعب الأردني والخط الأحمر المفقود
ها هي حكومة الطراونة تثبت أنها حكومة إنتقامية وليست إنتقالية، وتؤكد على أنها لا ترى أي أثر لهذا الخط الأحمر الذي يقولون أنه يحرص كرامتنا من الهدر ... فرفع الأسعار هو تحد صارخ لمشاعر الشعب أو أغلب فئات الشعب، ولعل الصمت الأقرب إلى الجبن والخنوع على الإجراءات غير الرشيدة فيما مضى يقود إلى هذه الحكومة للتمادي كسابقاتها في إذلال الشعب ومعاقبته ربما على الخروج عن صمته ومطالبته بحقوقه الشرعية التي يصر البعض على التمنن عليه بها، نعم إن الحكومة تضرب بعرض الحائط كل الحراكات والإعتصامات والإحتجاجات التي تشهدها شوارعنا وتستخف بكل الأصوات المنادية بعدم رفع الأسعار وكأنهم يريدون أن يوصلوا رسالة قصيرة فحواها ومحتواها ودلالاتها تقول "أصرخوا كما تحبون وعارضوا كما تشاءؤن سنزيد الأسعار وكأنكن غير موجودون "، لا أعرف حقيقة على أي ذنب يعاقب الشعب الأردني أو محدودو ومهدودو ومعدمو الدخل فيه... هذا الشعب الذي صمت طويلا وأعطى الحكومات والمسؤولين الفرص الكثيرة مع قناعاتهم التامة بأنهم لاعبين غير مهاريين ولن يستغلوا تلك الفرص ولكن حب الأردن وغيرة أبنائه وخشيتهم عليه كانت هي التي تغلب على مشاعر الشرفاء في هذا الوطن... ولكن وبعد أن إستيقظ الشارع المغيب والمستخف به أو الصامت بإرادته على وقع قضايا فساد ماليه وإدارية من الوزن الثقيل أو فوق الثقيل وشاهد بأم عينيه كيف تم التلاعب بأموال البلد جهارا نهارا وقرأ جزءا بسيطا من الهدر والنهب والتلاعب بمقدرات بلده الحبيب بدعم من أعلى السلطات فيه... ولأنه لم يتم معالجة أي قضية رئيسية من قضايا الفساد تقريبا ولم يتم إرجاع قرش واحد للموازنة المتهالكة والغارقة بالدين الخارجي والداخلي بدأ الشارع يتململ بل وبدأ يخرج عن صمته الذي برأيي الشخصي ساهم جزئيا بتمادي المسؤولين عليه... وأخذ المواطنون يعبرون عن سخطهم ورفضهم لسياسات الكارثية التي تدار بها البلد والتي أدت إلى بيع كل شركاته الرئيسية والحيوية ومع هذا أيضا زيادة هائلة في المديونية ... لأن الأموال ذهبت إلى البنوك الخارجية والداخلية لحساب بعض الأسماء التي تسلمت أعلى المسؤوليات والمهام في البلد دون أن يراعوا فيه او بأهله إلا ولا ذمة ولا إنسانية حتى... مسؤولون كبار كانوا يعينون على قاعدة "الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب له " وعلى أسس لا يعلمها إلا الله ومن كان يعين هؤلاء المسؤولين. إن أكثر ما يزعج ويقلق المواطن الأردني العادي -وأقول العادي لأن المواطن السوبر لا يهمه كل هذه الأمور لأنه مدعوم وغير معني بأي زيادة أو نقصان على الأسعار- هو التجاهل الكامل للنظام وللحكومة لمطالبه والذي زاد مخزون القهر والغبن أن هؤلاء المسؤولين في البلد يصرون ويتغنون وتتصدر عبارتهم أن كرامة المواطن خط أحمر الشريط الإخباري في التلفزيون الأردني وفي كل الصحف الرسمية وغير الرسمية والمواقع الإجتماعية والسياسية وحتى المهتمة بأمور الطبخ والنساء... وأنا من غربتي وحالي كحال كل المحتارين والمقهوين في بلدي احترت صراحة وعجزت عن معرفة أين هو هذا الخط الأحمر وأين الكرامة التي يتحدثون عنها وهم يصرون على إراقتها وهدرها مع كل فاتورة ماء أو كهرباء أو لتر بنزين أو قسط شهري أو إيجار مأسوف عليه لبيت مستعار؛ لأن بيت العمر الذي يحلم به طال إنتظاره... ولكنني قد بدأت أشعر أن المواطن الذي يتحدثون عنه ويريدون المحافظة على كرامته التي هي خط أحمر... هو ذلك المسؤول الفاسد أيا يكن منصبه أو موقعه والخط الأحمر هنا يحول بينه وبين محاكمة عادلة له ومنصفة للشعب المقهور المنهوب... ولكنني أريد أن أذكر الحكومة ومن عينها وكل المسؤولين في بلدي الذي أعشق ذرات ترابه الطهور مقتبسا هنا جملة للرئيس العراقي الراحل "صدام حسين " مع إعتذاري منه رحمه الله تعالى لأنني سأحولها عن الشعب الأردني بدلا عن العراقي وسيكون المخاطب فيها حكومتنا الأردنية وليس قوات الإحتلال الأمريكية ... "إحذروا من إيصال المواطن الأردني الذي تتشدقون بحدود كرامته إلى نقطة الإذلال لأنها النقطة التي يصبح فيها المنطق غير ذي أهمية ".