الثوب الذي تنسّل لكثرة العابثين..؟!
يتساءل كثير من الأردنيين، ما الذي يدفع الحكومة إلى تحدي الشعب، ولماذا الإصرار على مخالفة كتاب التكليف السامي بإهانة المواطن وتجويعه، ومحاولة كسر إرادته وتركيعه، بدلاً من صون كرامته وتحسين معيشته وتنفيعه..!! وهل صون كرامة المواطن يكون بتضييق سُبُل عيشه الكريم، وإغلاق منافذ الهواء النقي أمام أنفاسه، وبناء مصدّات أمام حركة رياح التغيير الذي يصبو لإحداثه.. هل تسعى الحكومة إلى حشر الناس ودفعهم إلى عنق الزجاجة.. فإما الانتحار أو الانفجار..!!؟
تحدي الأسعار والفجّار سوف يؤدي إلى تأجيج غضب الأردنيين، وإذا غضب الأردنيون فإن غضبهم سريع وشائط كما هو رضاهم سريع وغابط، وإذا كان قلب الأردني الرحيم مسكوناً بالعطف والسماحة والمشاعر الإنسانية في العادة، فإنه سرعان ما يتحول إلى أجشّ صلب لا يعرف الرحمة ولا السماحة إذا مُسّت كرامتُه، أو ديست عباءتُه..!!
ما الذي تبقّى ليخشى عليه الناس، وما هي إلاّ حرب بدأ أوارها يستعر باستعار حرارة الصيف، هل يجوع الأردنيون من أجل أن يربح تجّار الأوطان، وهل يفقر الأردنيون لكي يعيش سماسرة الشعوب في أبهى القصور ويمتطون أجمل الصهوات..!!؟
الحكومة تلعب بالنار، دون أن تدرك عواقب هذا اللعب، فهل ندعها وشأنها حتى تحرق نفسها وتحرقنا، أم نمارس دورنا في توعيتها بخطورة ما تفعل، ونأخذ على يديها كي لا تحرق نفسها وغيرها، فإن لم ترتدع وترعوي لجأنا إلى صاحب الولاية نشكو أمرها ونتجنب شرّها ونرجو غيرها..؟!
الناس في أرق وقلق، وصل حد النزق والغرق.. وعلى الحكومة أن تعي هذه الحقيقة، وتبحث عن سبل إعادة الثقة بالمنجز التاريخي الأردني، وإعادة تطريز الثوب الشعبي الأصيل الذي تَنَسّل لكثرة العابثين حتى تشوّه في الشكل واتسع في الخرق..!!
ويدرك الواقفون على شفير السقوط أن الانتحار لن يفيد في إعادة نسج الثوب، لأن الواقفين هم السواد الأعظم، ولأن منْ زجّهم إلى هذا الموقف أراد لهم أن يكفوا عن حديث الحقوق، وان يرتدعوا عن حديث الممانعة، ويثوبوا إلى رشدهم.. وليس لهم إلاّ أن يعيشوا في كهوف بلا أبواب، وفناءات بلا رياحين، على أن يعيدوا تطريز أثوابهم وتنظيفها من عبث العابثين..!
أما الدرس: فما لم تفلح حكوماتنا في إجادة فن الحياكة والسباكة.. فسيتسع الخرق ويزداد الدلق ويقترب المزْق، وينقلب الحال إلى فجاجة وركاكة..!!