النائب جميل النمري يكتب : الاصلاح الانتخابي ؟ هل نقول عظّم الله أجركم !!
أمس ارتسمت الصورة وقضي الأمر. سنعود الى الصوت الواحد والدوائر القديمة حرفيا. وهناك اغلبية نيابية جاهزة ومحسومة لهذه الغاية، وكان على المضيف الكريم صديقنا العزيز م.عاطف الطروانة النائب الأول لرئيس مجلس النواب أن يتخلى عن اقتراحه البديل حتى قبل ان يطرحه وهو الصوتين في دائرة واسعة اضافة الى صوت القائمة النسبية الوطنية من 18 مقعد. وكان اقتراح الصوتين في الدائرة هو خط الدفاع الأخير الذي بذلنا دونه محاولة يائسة اخيرة دون جدوى ولم تنفع التحذيرات من ردّة الفعل على هذا التنكر للاصلاح ومن المقاطعة التي ستتسع كثيرا لغير الاسلاميين.
مشروع العودة الى القديم كان يتضمن جديدا واحدا هو رشوة الأردنيين من اصل فلسطيني ببضعة مقاعد اضافية في عمان والزرقاء واربد مقابل اضافة نفس العدد لبقية المحافظات بمعدل مقعد او اثنين لكل منها بما في ذلك دوائر البدو التي ستصل مع مقعد الكوتا النسائية أيضاً الى خمسة مقاعد لكل منها! وهذه المقاعد المضافة للمحافظات سيتم المنافسة عليها على حدة فيكون للناخب صوت واحد لمرشح في دائرته وصوت لاحد المتنافسين على مقعد المحافظة، وكنا قد اطلقنا عليه اسم المقترح الاحتيالي لأنه يريد الايهام بوجود تغيير ومغادرة للصوت الواحد.
مقابل ذلك اقترحنا كحل أخير اذا كانوا يريدون الحفاظ على تقسيم الدوائر كما هي والكثير منها له مقعد واحد ان يعطى الناخب صوتين واحد داخل دائرته وصوت خارج دائرته لاي مرشح في دوائر المحافظة وهذا يعطي تغييرا حقيقيا اذ يصبح هناك مصلحة لجميع المرشحين عند كل الناس في المحافظة وتنفتح الناس على بعض وتصبح الحملات الانتاخبية اكثر تسييسا وبرامجية لان المرشح يخاطب جمهورا عريضا متنوعا على مستوى المحافظة .
هذا المقترح تم رفضه أيضاً في مؤشر واضح على رفض اي تغيير والإصرار على الصوت الواحد القديم بكل ما مثله خلال عقدين وكأن أنصار هذا التيار توقف عالمهم عند حقبة ما قبل الربيع العربي، وكأن البلد ليست في مخاض شامل للإصلاح والتغيير
وبالمناسبة فان اللذين يبررون بقاء الصوت الواحد بالخوف من الاخوان لم يهمهم ان هذه المقاعد الاضافية في عمان والزرقاء واربد سيذهب ثلثاها لللاخوان، لكن اعتقد ان حساباتهم تقوم على اساس ان الاخوان سيقاطعون حتما. مع ذلك فان معسكر الردّة لم يحسم امره حول هذه الاضافة والبعض ما زال يعتقد بافضلية تخصيص هذه المقاعد لصيغة القوائم الوطنية المغلقة والمقيدة وبالفعل فقد انعكس هذا التردد في تصويت اللجنة القانونية في مجلس النواب على هذا البند فصوت ٥ من ٩ من اعضاء اللجنة لصالح قائمة وطنية من 17 مقعد.
احد أقطاب مجلس النواب تذمرمن ان الجهات الأخرى أي الحكومة والديوان والمخابرات لا يتدخلون ولا يحاورون ولا يبدون رأيا. وان صح ذلك فهو لايعني ان الجهات الأمنية مثلا لم توجه قرار العودة للصوت الواحد بل انها تريد النأي العلني عن الأمر لتحميل مجلس النواب كل المسؤولية في الردّة والتنكر للاصلاح، فيكون مجددا ممسحة الزفر التي يشتمها الشارع ويوجه لها اللوم وتدفع الثمن، بل أنه وفي ضوء ردة الفعل المحتملة يمكن اعادة القانون من الأعيان لتصويبه فيحصد النواب المزيد من السمعة الرديئة
هل بدأت حديثي بالقول " قضي الامر " ؟! لا استطيع ان اتخيل ان هذا ما سيحصل فليس هناك ذرة منطق في هذه العودة المشؤومة الى الوراء ولا أتخيل ان جلالة الملك يمكن ان يقبل بهذه المناكفة االمتشددة بالعودة للصوت الواحد والتي تجعل من حل مجلس النواب قرارا بلا معنى ولا مبرر ما دمنا سنعود الى القديم وننتج مجلس نواب من تفس الطينة بل وأضعف كثيرا في ظلّ المقاطعة الأكيدة ليس من الاسلاميين فقط بل من طيف سياسي واجتماعي واسع.
لدينا حتى الأحد القادم فرصة للمراجعة والتصويب والقضية تتمركز حول موضوع صوت او صوتين للدائرة. وموقف انصار الصوت الواحد ضعيف في البلد ويذهب بعكس السير على طول الخط . ويمكن أن ينجح فقط اذا اصرت بعض دوائر القرار على الصوت الواحد فتكون قد دفعت البلد بكل تهور الى منزلق خطير.