نساء الحركة الإسلامية أدرى بشؤونهن

لكم اتفقت مع الاستاذ ماهر أبو طير في مقالاته الاجتماعية التي كان يسلط فيها الضوء -دون مداراة أو نفاق- على كثير من وجوه الانحلال والفساد، ولكم اختلفت معه مؤخرا عندما أصبح رصاصه يطيش في كل اتجاه في تقييم الإصلاح والحركة الإسلامية مؤخرا، وقد حاد عن أسلوبه المعتاد في النقد الإيجابي البناء! ولكني لم أجد نفسي مضطرة إلى الرد كأحد قرائه؛ فقد اعتبرت الأمر ضمن هامش الاختلاف، حتى وإن كان غير منصف، وعلى الإسلاميين أن يتعودوا ويتعاملوا ويتقبلوا من يفقأ أعينهم، ولو بغير حق، كمن يربت على كتفهم ويعمل معهم، وهذه خاصية مهمة لا بد منها لمن يقدم نفسه لقيادة المجتمع.
الا أنني وجدتني مضطرة إلى الرد على مقاله بعنوان «قصة لقاء سري للأخوات المسلمات»، وهو عنوان مثير جذاب يذكر بالقصص البوليسية، ولكن المضمون ليس بذات الجودة وفيه شيء من المغالطات والتهويل التي لا تتفق مع المصداقية وتحري الدقة التي تعودناها من الكاتب ومن جريدة الدستور! وأنا أرد بصفتي من داخل البيت وكعضو شورى منتخب في مجلس شورى جبهة العمل الإسلامي، وهو الذراع السياسي الذي تمارس النساء من خلاله العمل السياسي، وليس جماعة الإخوان المسلمين، وقد حصلت على ثاني أعلى مجموع أصوات في انتخابات مجلس الشورى، وكان معظم من انتخبوني رجالاً يفوقونني عمراً وخبرة، ولكن ذلك لم يمنعهم من تقديمي للعمل، تقديما على أساس الكفاءة لا الجنس، وهي السياسة المعمول بها في حزب الجبهة دون كوتا ولا تقييد ولا توجيه للأصوات، ومن استطاعت من النساء أن تحصل شروط الكفاءة قدمها الرجال والنساء على حد سواء، ومن قصر من الرجال في تحصيل الكفاءة يتم تأخيره كذلك، ولقد سبق للحركة الإسلامية تقديم الدكتورة حياة المسيمي التي نجحت كنائب، ومن ثم رشحت كذلك السيدة ميسون دراوشة في الانتخابات التي تم تزويرها عام 2007، وكذلك رشحت المهندسة أروى الكيلاني للانتخابات البلدية في نفس العام قبل الانسحاب منها بسبب التزوير أيضا، فليس صحيحا إذن ما ذكرته أن الحركة الإسلامية لم ترشح أي امرأة للانتخابات.
أما الحوار والوثائق التي تحدثت عنها، وكأنها سبق صحفي أو «إخوان ليكيس» أو «إخوان غيت»، فهو حوار دار بين مجموعة من نساء الحركة الإسلامية وصلتك دون غيرك وكأن العمل السياسي الإسلامي تنظيم سري محصور وراء الأضواء في الغرف المغلقة! فلن نبحث فيه ولن ننفيه أو نؤكده؛ إذ إن الحركة الإسلامية ترحب وتعتبر النقاش والتقييم والمبادرات محمودة أياً كان مصدرها ما دام هدفها الإصلاح الداخلي وتوجيه الأنظار الى نقاط الضعف، ونحن مطلعون على مبادرات شبيهة للشباب على الانترنت، وشاركنا في بعض نقاشاتهم، وعلى العكس يعترينا شعور بالسعادة أن يقوم الشباب الإسلامي، ذكورا وإناثا، بهذه المبادرات الطيبة في التغيير والتجديد، ناهيك عن المراجعات التي تقوم بها الحركة الإسلامية بين الفينة والأخرى لخططها ورؤيتها ووسائل عملها، ومنها ما غمزت به عرضا عن لقائنا مع ممثلي الدول الغربية بعد «الربيع العربي» الذي وجدناه في هذه المرحلة ضرورة لا بد منها؛ لاستجلاء وتوضيح المواقف، مع أنك لم تذكر أنهم الذين سعوا إلينا ولم نسع الى أحد، وأما الانقسامات والاختلافات التي ذكرتها فطبيعية في العمل الجماعي والسياسي، وليست بالخطورة التي حذرت منها! وما قوة الحركة الاسلامية اليوم بعد ان خرج منها البعض الا دلالة على أن خروج واحد أو واحدة هنا وهناك لا يؤثر في قوة المجموع.
وللإنصاف فليس وضع المرأة في الحركة الإسلامية مثالياً، ولكنه تطور عبر السنين وخرج من الإطار الاجتماعي والدعوي الى المجال السياسي، وأصبحت المرأة في الحركة الإسلامية تنشأ تكتلات وتجمعات خاصة بها، ومنها «تجمع أردنيات من أجل الإصلاح» الذي كان القطاع النسائي في جبهة العمل الإسلامي مبادرا إلى وضع تصوره ورؤيته وإطلاقه، ليشمل طيفا واسعا مختلف التوجهات من نساء الأردن الناشطات برئاسة الدكتورة عيدة المطلق، وهي أيضا عضو شورى عريق في جبهة العمل الإسلامي، وبعد انشاء هذا التجمع أصبح الرجال يبحثون عنا في مسيرات الحراك الإصلاحي؛ ليكون لنا كلمة ومشاركة، فكان عملنا المقدم لنا والمخبر عنا، ولسن مجرد سواد لتكثير العدد أو أستار بشرية! فلقد ضربنا الدرك في بعض المسيرات قبل أن يضربهم الرجال، أما المسيرات فليس فيها تصرفات غير حميدة الا من بعض البلطجية الذين لا يعرفون الديمقراطية، وان كان من شيء ينتهك ويخدش حياء المجتمع بأكمله، رجالا ونساء، فهو الفساد الذي لم يرقب إلا ولا ذمة لا في كبير ولا في صغير ولا في رجل ولا في امرأة ولا في أسرة ولا في فرد! فالمرأة في الحركة الإسلامية تشارك في النشاطات أو تحجم عنها، وحدودها الشريعة، والشريعة فقط، فإن أذنت الشريعة فإن سقفها السماء، ولا حدود لطموحها وقدرتها.
أستاذنا الفاضل: تعلم بخبرتك الممتدة عبر سنين من العمل الصحفي، أن الاتصال بالشخص أو الجهة المعنية للتأكد من معلومة أو تسريبة أو وثيقة أساس في عالم الصحافة، وقد كنت في بيتنا قبل أيام في جبهة العمل الإسلامي، وبيننا وبينك خطوط اتصال أظنها غير مقطوعة، وكان الأولى أن تستوثق من أصحاب الشأن، وأن تتحدث إلينا إذا سمعت عنا، فعند نساء الحركة الإسلامية الخبر اليقين، ومقال بمصداقية خير من عشرة مبنية على التهويل.(السبيل)