المرأة عنوان الإصلاح والتغيير الاجتماعي...

كود البناء الاجتماعي يعبر عن مستوى الرقي الذي وصل إليه أي شعب من الشعوب. وللمرأة دور هام في بناء الإنسان وتنشئة الأجيال ورعاية الأسر بما فيها من مكامن الأمل لبناء غد الأمة ومجدها ويشعرها بالسعادة والأمان والرضى لا يكبلها بالقيود والأصفاد والأسمال البالية ويسجنها داخل الجدران والأسوار العالية من التقاليد والموروث الذي يكبح منافذ التغيير...
إن الأردن قد خطا خطوات كبيرة في مجال تحسين التشريعات التي حاولت ان تلغي الفوارق بين الرجل والمرأة، إلا ان هناك أساليب مختلفة وأبواباً عديدة ما زالت تحول دون تمكينها من ممارسة دورها، وما برحت عناوين التمييز والإقصاء والعزل حاضرة في الواقع والممارسة.
هنالك تناقض غريب في المشهد الرسمي حيال المرأة. فرغم وجود شريحة من النساء يشاركن بفعالية في بعض الجوانب الحياتية باقتدار لا نظير له في مجتمع الذكور ويشكل عامل قوة للمرأة، إلا أن القمع والتغييب والاستبعاد ما زال سمة بارزة وبقيت قضية الولاية والوصاية للأبناء في موضع خلاف واشتباك بين الولي والأم الحاضنة. فلماذا لا يتم وضع تشريع ينظم ويحدد صلاحيات الأوصياء والأولياء الشرعيين ومسؤولياتهم في حالات العائلات أحادية الوالدين؟
تساؤل مشروع يرتفع حول أية أخلاقية تبيح التفرقة بين الإنسان والإنسان على أساس من الجنس لا تعد الكفاءة معيارها، وهل يتماشى هذا مع فرط ما نتحدث به عن إصلاح وتقدم وازدهار...
هناك ملفات مشرعة على كل الأبواب ومفتوحة على كل الميادين والاحتمالات والتأويلات التي تلتف على حقوق المرأة لهضمها وغمطها حقها. ولماذا لا تعطى الجنسية لأبناء الأردنيات المتزوجات من غير الأردنيين؟
فإلى متى تعشش في عقول الإقصائيين نظرة التمييز حيال المرأة، ما يتطلب من الحراك النسائي ومنظماته الممتدة في كل أنحاء الوطن أن تخرج من عتمة الظلام وأغلال القيود إلى فضاءات الحرية التي لا تبيح الظلم والتعسف لتحريرها من مخلفات الجهل والظلمة...
وهل نستطيع ان نبني مجتمعا تقدميا حضاريا بنساء يعشن في غياهب العبودية وأسر التغييب والاستثناء المتسلط؟ وأي مجتمع نبني بأخلاق العبيد وتابعيته على أساس من اللون أو الجنس أو الجغرافيا أو القبيلة أو الجهة أو التطويف...!
هل تستطيع المرأة التي احتلت عرش القلوب بصفتها أماً وزوجة وأختاً بيديها الرقيقة التي تغزل بهما الصوف في أيام الشتاء ان ترسم خارطة الوطن الأجلَ همم وعزائم أجيال لا تنحني إلا لله؟
إننا بحاجة إلى تغيير موروثنا الاجتماعي بما يمكن المرأة من الوصول إلى موقع القرار كشريك وليس كملحق، وأن تتقدم الصفوف ليس ديكورا أو منة أو شفقة، وإنما بفضل الكفاءة. وهذا يتطلب تغيير القوانين والتشريعات التي تحد من مكانتها ويعرقل دورها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي . (العرب اليوم)