عوانِس لا مُطلقات
نلاحظُ إرتفاع نسبة الطلاق في مجتمعنا الأردني , وباتت كثير من حالات الزواج تبوءُ بالفشل , مما يؤدي إلى العديد من المشكلات النفسية والإجتماعية والتربوية وحتى الإنسانية في المجتمع .
في هذه العجالة أوجه حديثي للفتيات اللاتي في سن الزواج وأرى أنهن يتحملن جزءاً كبيراً من نجاح الحياة الزوجية لاحقاً , وذلك من خلال حسن الإختيار فالمسألة في مجتمعنا تهم الزوجة أكثر مما تهم الزوج كون الطلاق فيما بعد – لا سمح الله – يضر المرأة أكثر مما يضر الرجل وذلك بحكم عادات وتقاليد وأعراف مجتمعية لا أقول أنها سليمة ولكنها سارية المفعول , حيثُ ما زالت تسيطر على الناس أفكاراً بأن المطلقة عالة على المجتمع وعلى أهلها وكثيراً ما يُنسَب إليها الفشل في العلاقة الزوجية , ونادراً جداً ما يقبل الشباب على الزواج من مطلقات , بينما يتزوج المطلقون فوراً وربما بدون أي تعقيدات , وفي المحصلة فإن حرص الزوجات على أزواجهن يجب أن لا يكون بعد الزواج من خلال تحمل طباعه وعاداته وربما سلبياته , إنما على الفتاة الحرص على مستقبلها الزوجي – وقائياً – وذلك يتم بالإختيار المناسب حتى تكون حياتها – بإذن الله – مثالاً لبيوتٍ راقية نموذجية ولبنةٍ أساسية ناجحة في مجتمعٍ نتمناه متميزاً حافلاً بالمحبة والوفاء .
عليكِ أيتها الفتاة أن تعلمي بأن الزواج هو إستكمال بقية العمر مع شخصٍ ما , إنه شراكة تتحملين فيها أعباءً كثيرة وعليك العديد من الواجبات كالعناية الزوجية والرعاية المنزلية والمتطلبات الإجتماعية التي تفرضها علاقات زوج المستقبل وشريك الحياة , إنك مقبلةٌ على بيتٍ أنتِ سيدته الأولى وستشرفين على منزلٍ فيه أنتِ باحثةٌ عن الطمأنينة والأمان والعطف والحنان فأختاري من هو أهلٌ لكلِِ هذا , إختاري من بإمكانهِ أن يجعلَ ما تقدمينَ من جهود سهلاً سلساً جميلاً أنيقاً بفضل الإحترام وتقدير الجهد الذي يقدمهُ إليكِ ليمنح الإرهاق طعماً متميزاً ليس كل النساء يحصدنَهُ وليس كل الرجال يقدمونه .
الزواج ليسَ فستاناً ناصعَ البياض وليس حفلة فاخرة وليس متعة التباهي أمام الصديقات بالإرتباط بشخصٍ ذو مكانةٍ إجتماعيةٍ ما أو مرتبةٍ إقتصاديةٍ ما أو وظيفةٍ أو منصب , وهو ليس بالتأكيد مناكفةً بالأخريات بأنها قد سبقتهن بالإرتباط , الزواج تفاهمٌ وإنسجام تناغمٌ , والحياةُ حافلةٌ بالعقبات والظروف والمشاكل والإختلافات , فإن لم تكوني على ذات المستوى من التواصل والإتفاق مع الرجل فلن تستمر الحياة وستبدأ الحياة بالتوتر والملل وصولاً إلى ما لا يُحمَد عُقباه .
عند وجود نية الإرتباط إبحثي عن ما يريده الشخص المتقدم إليك و تفهمي متطلباته ورغباته, إستمعي إليه جيداً وناقشيه وصولاً إلى أفكاره ونظرته للزواج , بناءً عليه تستطيعين بحكم معرفتك الذاتية لإمكاناتك وإتجاهاتك أن تحددي إن كان بالإمكان أن تتعايشي معهُ بحبٍ وإنسجام , طبعاً إن وجدتي فيه أساساً ذلك الشخص المناسب لأن تُقَدَم إليه حياتك وتضحياتك , قد يقول قائل بأنني لم آتِ بجديد وهنا أجيبه بأن الكثير من الفتيات – مع شديد الأسف – يحاولن الظهور بمظهر الفتاة المثالية المتفهمة الصابرة الصبورة الودود الحنونة مُعتقِدَةً أنها بغير التملق والنفاق لَن تتزوج وهذا ما يؤدي مستقبلاً إلى النفور والخراب ينخرعش الزوجية – لا قدر الله – , ولا ننسى بأن على الشاب أيضاً أن يكونَ واضحاً صادقاً في تقديم نفسه ومزاياه وسلبياته للفتاة حتى تكون الأمور واضحةً جليةً مبنيةً على أسس من الصدق والصراحة التي تسهل التعايش لاحقاً ما بين الزوجين .
لَستُ أدعوا الفتيات للعنوسة وتعقيد الأمور على نفسها وعلى المقبلين على الزواج , لكنني أشمئزُ كلما أحسستُ بأن إحداهُنَ نادِمةً على الزواج من زوجها إلا من قَد أجبرت عنوةً عليه , برأيي البسيط أن مجتمعاً مليئاً بالعوانس يبقى أفضل من مجتمع مليء بالمطلقات , كل ما عليكِ هو التأني والإختيار المناسب فلا أعتقد أن الأهل سيضيق صدرهم بمصاريفك المتعددة مثلاً أو تأخر نصيبك في الزواج , وندعوا الله عزوجل أن يجعل الإختيار المناسب من نصيب كل شابٍ وفتاة في أرننا الغالي ودمتم بِسلامٍ آمنين .