حلم ووجع
جلست على عتبة المنزل ، وسرحت بأفكارها ، تعلقت بآخر طرف حلم وحلمت .
راودها الحلم المكرر ، الفارس المغوار "أبو حصان أبيض " بوجهه المشرق وترسه وسيفه المذهبين ، يمد لها يده ويحملها خلف ظهره على صهوة الجواد الاغر ، لمملكته المليئة بالخدم والحشم والجواري.
صوت كاسة وقعت فأحدثت صوت الانكسار ، كانت وحدها كافية ليكسر معها الحلم أيضا لتجد نفسها تردد " على حصان وإلا على حما..) هو بس يجي " .
على تلك "الفرشة " المهترئة كان هو الآخر ممدا على ظهره ومتوسدا يديه بينما وضع رجلا على رجل ينظر الى الأفق القريب في سماء الغرفة ، تململ في مكانه الى أن أخذ موقعه ، واستقل أول قطار متجه صوب الحلم والأمل ( ملابس نظيفة .. بدلة لون كحلي وقميص أزرق سماوي وربطة عنق مخططة ، وظيفة وسيارة مرهونة راتب الوظيفة سيسد ثمنها ويدفع أقساطها ، ومستقبل بسيط يسد الرمق لا أكثر .
صوت والده المرتعش بغضب كان كافيا ليهز أركان الحلم ويهدمه ليردد " بس حق بكيت الدخان نعمة " .
في الطابق العلوي ، وقف الجارعلى الشباك يرشف النفس الأخير من سيجارته ، فاخذه النسيم العليل على جناحيه لجزيرة الحلم " راتب يكفي لآخر الشهر دون عجز ، لا فواتير معلقة او مكسورة ، منزل ملك في الدور السابع غرفتين وصالة ، طلبات العائلة منفذة فورا – مقدور عليها – ولترفع الحكومة الأسعار لا يهم فارتفاعها مربوط بارتفاع الدخل والراتب .
صوت الزوجة الذي يفيد بإنتهاء جرة الغاز ، كان كافيا ليغرقه في وحل الواقع ويردد " هي لو بس هداها الله وظلت للراتب " .
هكذا هي أحلامنا نحن البسطاء ، ترى كيف يحلم البقية .... السادة الشرفاء .
بالمختصر ... نحن لا نحلم .... نحن فقط نتوجع .