ثقافة الحوار وادب الاختلاف

تم نشره الإثنين 25 حزيران / يونيو 2012 01:07 صباحاً
ثقافة الحوار وادب الاختلاف
د. رحيّل غرايبة
اطلعت على مجموعة ردود حول مقالة (القوميون والانظمة القومية والاسلام)، ورأيت أنّها في اغلبها لم تناقش ما ورد في المقال، ولم يتمّ التركيز على الفكرة الرئيسية التي أردت ان يدور حولها الحوار المفيد والبناء؛ بل وجدت نفوسا مليئة؛ تسعى نحو التفريغ والتنفيس اكثر من محاولة التوضيح والتجلية، فضلاً عن عدم وجود اية نية نحو محاولة التصحيح والاستدراك.
فانا أردت ابتداءً أن أوضح حقيقة قاطعة ينبغي ان تكون محلاً للتوافق، والتي يجب أن نعمل جميعا على تكريسها وتحقيقها؛ والتي تتلخص بأنّ القومية العربية بأصل فكرتها يجب ان تتبنّى الاسلام بصفته المشروع الحضاري النهضوي للأمة، ومصدراً لهويتها الثقافية الاصيلة، وحافظاً للغتها الفصحى، وقيمها النبيلة وشخصيتها المميزة.
هذه هي فكرة المقال الرئيسية والجوهرية بعيداً عن كل ما يتصل بفكر الحركة الاسلامية، وعن كل ما يتصل بأدائها السياسي من قريب أو بعيد، وبعيداً عن لغة التخوين والعمالة؛ لأن ذلك أصلاً لم ترد بخصوصه أية اشارة في المقال، ولم يرد على ذهني ابتداءً و لا انتهاءً.
وقد أشار بعض أصحاب الردود الى "ضرورة الفصل بين الاسلام من جهة و الحركات الاسلامية من جهة اخرى"؛ هذا صحيح وانا اؤمن به ولكن ما يجب قوله في هذا المقام أيضاً أنّه يجب التفريق بين القومية كفكرة من جهة و القوميين والانظمة القومية من جهة اخرى تماماً كما يطالب كتاب الردود؛ فالمقالة ركزت على سلوك من يحمل هذا الشعار وأدائه السياسي وعلى كيفية تعامله مع الفكر الاسلامي وأنظمته المختلفة ، وعلى الانجاز الذي تم تقديمه على صعيد تطوير العقل العربي في هذا الاطار بعيداً عن المهاترات ، وأسلوب الردح وتسجيل النقاط، وبعيداً عن قصة الخلاف السياسي مع الحركات الاسلامية.
ولا اريد ان يكون الانجاز في هذا المجال عبارة عن كلمة مدح في خطبة، او كلمة في مهرجان وردت هنا أو وردت هناك تبجل سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام أو تثني عليه. والمسألة الاخرى متعلقة بفهم تبنّي الاسلام كنظام حياة ومشروع حضاري وثقافي وفلسفي، وليس بعزل الاسلام عن الحياة وحصر مفهومه بزاوية العبادة والعلاقة الفردية بين الانسان وربه، وهل هذا هو مفهوم مشروع الدولة الذي اقامه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، والخلفاء من بعده كما يقول أصحاب الردود.
وكما يطالب من تولى الرد الآخر بالاعتراف بالاخطاء؛ أطالبه بأن يمارس هذه الفضيلة من خلال الوقوف على أخطاء الانظمة العربية التي تبنت شعار القومية العربية بحق شعوبها، وأن يتم الاعتراف بالهزائم الماحقة التي لحقت بالامة عن طريقها، وان تعترف بحجم التخلف والتخريب الذي احدثته في جسم الامة وعجزها عن تحقيق الوحدة، وأن تعترف بتحطيم الشخصية العربية، ومصادرة حريتها وانتهاك كرامتها والتفريط بحقوقها ومقدراتها، واعاقة بناء المشروع العربي النهضوي، وسرقة حلم المواطن العربي بالحرية والرفاه؛ لأنّه باختصار شديد هم أصحاب السلطة والقرار منذ ما يزيد على نصف قرن من الزمان، فلماذا الاصرار على تكرار التجربة نفسها من دون الاعتراف بالاخطاء، ولا مجرد قبول النقد. والاصرار على منهج رمي الاخرين بالتهم الجاهزة وتخوينهم ووصفهم بابشع النعوت التي عرفها قاموس اللغة . ( العرب اليوم )


مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات