أول حاكم عربي مدني منتخب
الشعب المصري يضع قدمه على السكة ويبدأ خطوته الاولى في طريقه الطويلة نحو ارساء معالم الدولة الحديثة التي يشترك المصريون جميعا في بنائها، فهنيئاً للشعب المصري بانتخاب اول رئيس مدني بطريقة حرة في تاريخ مصر القديم والحديث؛ وربما في تاريخ العرب جميعا حيث ينتظر الشعب المصري النتيجة غير المحسومة سلفا الى آخر دقيقة.
وهنيئا لكل الامة العربية بهذا الانجاز الديمقراطي الرائع البالغ الاهمية والذي سوف يكون بداية عهد جديد وتاريخ جديد وحقبة جديدة تصبح الشعوب العربية فيها صاحبة الكلمة الاولى والاخيرة في اختيار السلطة الحاكمة وصاحبة الهيمنة المطلقة على مقدراتها وارضها وسمائها، وتملك سلطة المراقبة والمحاسبة بطريقة فعلية وليست شكلية، أو مفرغة المضمون ولا تحمل اي معنى من معاني الاستغفال، أو الاستخفاف أو التمثيل أو الخداع أو التضليل.
الشعب المصري قطف ثمار جهاد طويل وشاق ومرير. وثمرة تضحيات الابطال الاحرار الذين قاوموا الاستبداد والطغيان والفساد عبر عقود طوال بائسة مرت ببطء شديد وثقيل الوطأة على حركات الاصلاح والتغيير والنضال السلمي الفكري الثقافي الحضاري العميق الهادىء المتدرج الممزوج بالصبر والمصابرة، والمثابرة الحكيمة طويلة النفس، التي استطاعت أن تبني جيل الثورة المظفرة.
الشعب المصري عرف اليوم أنّ أرواح الشهداء الذين عُلّقوا على أعواد المشانق؛ فداء الكلمة الحرة والموقف الشجاع آتت أكلها ولم تذهب هدرا: امثال الشهيد سيد قطب والشهيد عبد القادر عودة والشهيد محمود هواش والشهيد محمد فرغلي والشهيد محمود عبد اللطيف وقبلهم الشهيد حسن البنا وبعدهم شهداء الثورة في ميدان التحرير؛ فأرواحهم ترفرف فوق المكان والزمان.
سوف ينهار هذا الجدار الذي بنته قوى الاستعمار وقوى التدخل الخارجي وقوى النهب الداخلي وقوى الفساد ومعهم جوقة المطبلين والمزمرين والعيابين، وكانوا يظنون أنّ جدارهم منيع، وسوف يمنع عنهم القدر المحتوم الذي يستجيب لإرادة الشعوب الحرة عندما تنتفض وتقول كلمتها.
لن يستطيع أحد أن يوقف السيل الجارف للكلمة الحرة أو طوفان الشعوب المقهورة مهما اوتي من قوة ومهما اوتي من كيد ومكر ودهاء واستعانة بالغرباء.
الرئيس محمد مرسي أمامه طريق صعب وشاق وشديد الوعورة وكثير العقبات ومليء بالألغام، ولكني مطمئن لامكانية النجاح وتجاوز هذه المفازة؛ وذلك لسبب جوهري ورئيسي أنّ محمد مرسي ليس وحيدا، فمعه شعب مصر العظيم كله؛ لأنّ عهد حكم الفرد انتهى الى الابد، وجاء عصر جديد يقوم على منهج توظيف كل الطاقات التي يختزنها الشعب بغض النظر عن الاختلاف الديني أو الفكري أو العرقي.
مصر مرشحة الآن لإعادة موقعها القيادي والريادي للدول العربية من اجل مساعدة شعوبها في مواصلة معركتها التحررية ضد قوى الفساد والنهب، واستعادة حريتها وكرامتها واستعادة حقوقها بالسلطة المغصوبة والمقدرات المنهوبة والسيادة المسلوبة. ( الدستور )
