ماذا جرى في مادبا ؟

الى متى تستمر حالة الفلتان والاستنفار في الشارع العام؟
مدانة بكل الاعراف والمقاييس تلك الجريمة البشعة التي وقعت في مدينة مادبا وراح ضحيتها سائق بريء كان يلتقط رزقه ليعود الى عائلته في المساء حاملا لهم الامن والخبز, انها جريمة تقشعر لها الابدان عندما يقف شابان في قارعة الطريق من اجل تقليد مسلسل تركي وقتل الابرياء في الشارع على سبيل التسلية وقتل الفراغ .
ولا شك ان جميع الاردنيين بما فيهم عائلة وعشيرة المتهمين يترحمون على روح الفقيد ويستنكرون هذه الجريمة ويعتبرونها احدى"اللايذات" التي عادة ما يطلب البدوي من ربه ان "يكفيه شرها".
وفي المقابل فان ردة الفعل الغاضبة والمبالغ فيها في شوارع مادبا ليلة الاثنين ويوم امس واعتداء شباب على الوسط التجاري للمدينة واحراق كشك الشرطة والسيارات الخاصة وتكسير واجهات المحلات والبنوك واطلاق النار ورمي الحجارة على المواطنين وقوات الدرك هو عمل غير مسؤول وغير مقبول ومدان بنفس الشدة التي ندين فيها الجريمة النكراء.
لا اعرف سببا يدعو مواطن اذا غضب ان "يفش خلقه" في الأملاك العامة والخاصة فيقوم برجمها بالحجارة او تكسيرها بالعصي والقناوي او الآلات الحادة وكأنها "شيطان رجيم", وهل يجوز ان يمر هكذا إضرار بممتلكات الغير من دون حساب او على الأقل تقديم التعويضات للمتضررين؟.
هذه ظاهرة اصبحت متكررة في مادبا وغيرها وبحاجة الى علاج فوري يبدأ من الدولة واجهزتها الامنية والتي يقع عليها دور حماية ارواح الناس وممتلكاتهم , فاذا كان من المستحيل منع وقوع جريمة , فانها لا شك لديها القدرة اذا توفرت الارادة في منع ردات الفعل المبالغ فيها, ومنع الاعتداء على الاملاك العامة والخاصة عن طريق اتخاذ اجراءات فورية صارمة والقاء القبض على كل من تسول له نفسه الاعتداء على الغير وعدم احترام القانون والنظام العام.
ويتساءل التجار وأصحاب المحال والبنوك والعيادات والبيوت والسيارات, الى متى تستمر حالة الفلتان والاستنفار في الشارع العام؟ ولماذا يجب عليهم دفع الثمن من جيوبهم نتيجة جريمة او خلاف يتحول الى ثأر وردة فعل؟ أليس هؤلاء الشباب, هم ابناء هذا الوطن الذي نفديه بارواحنا؟ الا يوجد بينهم "عقّال" يوبخونهم على ما فعلت أيديهم؟ الا يوجد بينهم من يحترم عقله ويفكر في الأمر قبل ان ينقاد الى غضبه و"قنوته"؟
من يصدق ان الاجهزة الامنية لا تعرف احدا من متجاوزي القانون ؟ اذا لماذا لا توقفهم وتردعهم ؟ هل يتكرر المشهد بعد شهر ؟ كيف سيأمن المواطن على نفسه ؟
إن مدينة مادبا ووسطها منطقة اثرية وتجارية هامة تم اعادة تأهيلها وترميمها لأهميتها التاريخية والأثرية بهدف تحويل وسط المدينة الى منطقة للفرح والاحتفالات وجذب السياح من كل مكان, ماذا نقول لزوارنا ؟ ماذا سيقولون عنا؟
فهل يتناسب ذلك مع ما يجري فيها على أيدي أبنائها الذين طالما غنوا في أعراسهم تفاخراً بمدينتهم "يا مادبا بنتا طموح.. عصيت على طلابها.. والي يريد الها الخراب.. لابد يذوق هواتها ".
ما جرى مؤلم ومؤسف حقا, ويجب ان يتوقف لانه مرفوض بكل المقاييس ونرجو ان تكون تلك الحادثة خاتمة"الأحزان", لكن على المخطئ ان ينال عقابه. ( العرب اليوم )