نهاية الصعود التركي

بعد ان اعتقدنا, جميعا اننا امام تركيا صاعدة, وقد تحتل مواقع متقدمة على الصعيد العالمي وليس الاقليمي وحسب, وذهب بعضنا الى اعتبار اردوغان (بسمارك جديد) واوغلو (مترنيخ العصر).. ها هي تركيا تنحدر الى الدرك الاسفل, وتستعيد صورة الرجل المريض كما كانت قبل انهيارها قبل قرن تقريبا..
اما السبب فيعود الى حماقة اردوغان واوغلو وفريقهما الحاكم, الذي حوّل تركيا خلال الازمة السورية من لاعب اقليمي دولي الى مجرد اداة امنية - عسكرية في اجندة معروفة..
ها هي تركيا التي نجحت قبل سنوات في ترميم وتصويب كل علاقاتها السابقة مع جيرانها, تدخل في ازمة مع الجميع وليس مع سورية وحسب. فمن توتر العلاقات مع العراق وايران الى توتر العلاقات مع روسيا وبلغاريا واليونان وقبرص... ولكل من هذه البلدان ظلالها وانعكاساتها في الداخل التركي, سواء على الصعيد المذهبي او القومي (ارمن - اكراد - علويون) ويعبرون في الحسبة السكانية عن ارقام كبيرة (عشرين مليون علوي و 10 ملايين كردي على الاقل)...
والاخطر من كل ذلك انكشاف المشروع الاسكاني بعشرات المليارات بعد ان تبين انه اكبر رشوة عابرة في العالم (قروض بكفالة البنك الدولي).
ويذهب خصوم اردوغان الى ان تجربته قد تنتهي كما انتهت تجربة سلفه, عدنان مندريس. فكما هو معروف وبعد صعود المد القومي العربي في منتصف الخمسينيات, لجأت الادارة الامريكية الى الضغط على الجيش التركي للانسحاب من الحياة السياسية واجراء انتخابات اسفرت عن فوز جماعة مندريس الاسلامية..
وقد حاولت هذه الجماعة مع نوري السعيد العراقي, فرض حلف بغداد (امريكي - بريطاني - تركي - عراقي) وسمحت للامريكان ببناء قاعدة انجرليك (تساوي الدرع الصاروخية هذه الايام) كما قامت باحتلال الشريط الحدودي السوري ودعم المعارضة السورية آنذاك ضد الرئيس شكري القوتلي ممثل البرجوازية الوطنية السنية الشامية. وبعد صمود القوتلي وسورية بدعم جمال عبدالناصر وروسيا, سقطت تجربة مندريس في تركيا نفسها.. ( العرب اليوم )